كتاب المجالسة وجواهر العلم (اسم الجزء: 3)

1013 - حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ بِمِثْلِ هَذَا؛ وَقَالَ: الْجَيِّدُ مِنْ هَذَا قَوْلُ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةِ الْكِنَانِيِّ، وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْتًا، مَاتَ بَعْدَ مئة سَنَةً، وَهُوَ الْقَائِلُ:
(وَبَقِّيتُ سَهْمًا فِي الْكِنَانَةِ وَاحِدًا ... سيرمي بِهِ أَوْ يَكْسِرُ السَّهْمَ كَاسِرُهُ)
وَهُوَ الْقَائِلُ
(أَيَدْعُونَنِي شَيْخًا وَقَدْ عِشْتُ حِقْبَةً ... وَهُنَّ مِنَ الْأَزْوَاجِ نَحْوِي نَوَازِعُ)
(وَمَا شَابَ رَأْسِي مِنْ سِنِينَ تَتَابَعتْ ... عَلَيَّ وَلَكِنْ شَيَّبَتْنِي الْوَقَائِعُ)
1014 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ؛ قَالَ: -[384]- كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَحِمَهُ اللهُ يَوْمَ الْقَادِسَيَّةِ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ وَهُوَ شَاكٍ مِنْ خُرَّاجٍ كَانَ خَرَجَ بِهِ، لَمْ يَشْهَدِ الْقِتَالَ، وَالْمُشْرِكُونَ يَفْعَلُونَ بِالْمُسْلِمِينَ وَيَفْعَلُونَ، وَأَبُو مِحْجَنٍ فِي الْوَثَاقِ عِنْدَ أُمِّ وَلَدِ سَعْدٍ، وَكَانَ حَبَسَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ؛ فَأَنْشَدَ أَبُو مِحْجَنٍ لَمَّا رَأَى الْحَرْبَ:
(كَفَى حَزَنًا أَنْ تُطْعَنَ الْخَيْلُ بِالْقَنَا ... وَأُتْرَكُ مَشْدُودًا عَلَيَّ وَثَاقِيَا -[385]-)
(إِذَا شِئْتُ عَنَّانِي الْحَدِيدُ وَأُغْلِقَتْ ... مَغَالِيقُ مِنْ دُونِي تُصِمُّ الْمُنَادِيَا)
فَقَالَتْ أُمِّ وَلَدِ سَعْدٍ: أَتَجْعَلُ لِي إِنْ أَطْلَقْتُكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيَّ حَتَّى أُعِيدُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَطْلَقْتُهُ، فَرَكِبَ فَرَسًا لِسَعْدٍ بَلْقَاءَ، وَحَمَلَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ؛ فَجَعَلَ سَعْدٌ يَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ أَبَا مِحْجَنٍ مُوَثَّقٌ فِي الْحَدِيدِ؛ لَقُلْتُ إِنَّهُ أَبُو مِحْجَنٍ، وَإِنَّهَا فَرَسِي. فَانْكَشَفَ الْمُشْرِكُونَ وَهَزَمَهُمْ، وَجَاءَ أَبُو مِحْجَنٍ، فَأَعَادَتْهُ إِلَى حَالِهِ، وَأَتَتْ سَعْدًا فَخَبَّرَتْهُ بِذَلِكَ الْخَبَرِ، فَأَطْلَقَهُ وَقَالَ: وَاللهِ! لَا أَحْبِسُهُ أَبَدًا فِي الْخَمْرِ. قَالَ أَبُو مِحْجَنٍ: وَأَنَا وَاللهِ! لَا أَشْرَبُهَا أَبَدًا.

الصفحة 381