كتاب المجالسة وجواهر العلم (اسم الجزء: 6)

2366 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ؛ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يُطِيلُ السُّكُوتَ، فَإِذَا تَكَلَّمَ؛ انْبَسَطَ، فَقُلْتُ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: لَوْ تَكَلَّمْتَ! فَقَالَ: الْكَلامُ عَلَى أَرْبَعَةِ وُجُوهٍ؛ فَمِنْهُ كَلامٌ تَرْجُو مَنْفَعَتَهُ وَتَخْشَى عَاقِبَتَهُ؛ فَالْفَضْلُ فِيهِ السَّلامَةُ، وَمِنْهُ كَلامٌ لا تَرْجُو مَنْفَعَتَهُ وَلا تَخْشَى عاقبته؛ فأقل ما لك فِي تَرْكِهِ خِفَّةُ الْمَؤُنَةِ عَلَى بَدَنِكَ وَلِسَانِكَ، وَمِنْهُ كَلامٌ لا تَرْجُو مَنْفَعَتَهُ وَتَخْشَى عَاقِبَتَهُ، وَهَذَا هُوَ الدَّاءُ الْعُضَالُ، وَمِنَ الْكَلامِ كَلامٌ تَرْجُو مَنْفَعَتَهُ وَتَأْمَنُ عَاقِبَتَهُ؛ فَهَذَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْكَ نَشْرُهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ أَسْقَطَ ثَلاثَةَ أَرْبَاعِ الْكَلامِ.
2367 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الرَّبَعِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ مُبَارَكٍ الطَّبَرِيِّ؛ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدِ اللهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ بِعَرَفَاتٍ يَخْطُبُ؛ فَقَالَ فِي آخر خطبته: -[57]- يا أيها النَّاسُ! أَنَا سُلْطَانُ اللهِ فِي أَرْضِهِ، أَسُوسُكُمْ بِتَوْفِيقِهِ وَتَسْدِيدِهِ وَتَأْيِيدِهِ وَنَصْرِهِ، وَخَازِنُهُ عَلَى فَيْئِهِ، أَعْمَلُ فِيهِ بِمَشِيئَتِهِ وَأُقْسِمُ بِإِرَادَتِهِ وَأَعْطِيَتِهِ، قَدْ جَعَلَنِي عَلَيْهِ قُفْلا، إِنْ شَاءَ أَنْ يَفْتَحَنِي لإِعْطَائِكُمْ، وَقَسْمِ أَرْزَاقِكُمْ فَتَحَنِي، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَقْفُلُنِي عَلَيْهَا قَفَلَنِي؛ فَارْغَبُوا إِلَى اللهِ وَسَلُوهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ الشَّرِيفِ الَّذِي وَهَبَ لَكُمْ فِيهَ مِنْ فَضْلِهِ مَا أَعْلَمَكُمْ فِي كِتَابِهِ؛ إِذْ يَقُولُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دينا} [المائدة: 3] أَنْ يُوَفِّقَنِي لِلصَّوَابِ وَالرَّشَادِ، وَيُلْهِمَنِي الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةِ وَالإِحْسَانِ إِلَيْكُمْ، وَيَفْتَحَنِي لإِعْطَائِكُمْ وَقَسْمِ أَرْزَاقِكُمْ بِالْعَدْلِ عَلَيْكُمْ.

الصفحة 56