كتاب موقف الجمهوريين من السنة النبوية

كما أخطأ الجمهوريون في زعمهم أن قول الرَّسُولِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس بِسُنَّةٍ، كما أن الحُجَّةَ التي اعتمدوا عليها في هذه المسألة ليست بِحُجَّةٍ فلا يعني القول بأن قول النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شريعة أنه ليس بِسُنَّةٍ أو أن النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يعمل بقوله إلا على سبيل التعليم لأمته، وأما أصحابه فيعملون به طَمَعًا في الارتفاع من مستوى رسالتهم المحمدية إلى الأحمدية، أو الارتفاع من سُنَّتِهِمْ التي يتبعونها إلى سُنَّةِ النَّبِيُّ في خاصة نفسه ثم إلى سُنَّةِ الله.

فالحق أن قول النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي هو من سُنَّتِهِ المتعبد بها والتي شرعها الرَّسُُولُ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإذن الله تعالى لأمته، واتبعته في ذلك، فقد شَرَّعَ الرَّسُُولُ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمسلمين بأقواله وأفعاله وتقريره فقد حدثت حوادث وخصومات قضى فيها النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحديث لا بالقرآن (فكان قضاؤه تشريعًا) كما أن الرَّسُُولَ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد بَيَّنَ كثيرًا من آيات القرآن الكريم بأقواله كبيانه للصلاة والزكاة وسائر العبادات.

«فكل ما قاله النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو فعله أو حدث أمامه واستحسنه كان تشريعًا» (¬1). ولا يعني كونه تشريعًا أنه ليس بِسُنَّةٍ كما ذهب إلى ذلك الجمهوريون.

كما أخطأ الجمهوريون في زعمهم أن فعل النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس بِسُنَّةٍ إلا ما كان خالصًا به وأخطأوا في جعلهم هذه هي السُنَّةَ كما أخطأوا في حصرهم لِلْسُنَّةِ في عمل الرَّسُُولِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خاصة نفسه، فالأفعال التي يعلم المسلم أنها من اختصاص النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كالوصال في
¬__________
(¬1) انظر: أحمد أمين، " فجر الإسلام، ط 10. بيروت.

الصفحة 13