كتاب موقف الجمهوريين من السنة النبوية

الصوم أو الزيادة في النكاح على أربع ليست محلاً للتأسي ولا يجب على أحد أن يقتدي به فيما هو من خصائصه فقط (¬1). فكيف ينادي محمود محمد طه بجعل ما اختص به الرَّسُولُ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شريعة عامة لأتباعه في مرحلة التقليد ويسميها (شريعة النبوة) ومما لا شك فيه أن هذه مخالفة صريحة للإسلام والمسلمين، وإن حاول الجمهوريون في سبيل إرضاء عدد كبير من الناس التنازل عن اتِّبَاعِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بعض المسائل الواضحة جِدًّا أنها من خصائصه، والتي تفيدهم التنازل عنها، فقد حرموا التعدد والزيادة في النكاح على أربع لإرضاء المرأة وكسبها لجانبهم، كما هربوا من صيام المواصلة بحجة أن الرَّسُولَ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد فداهم كل التفدية، والحقيقة أن نفوسهم لا تطيق الصيام الذي يصومه المسلمون فكيف تطيق صيام المواصلة، وما ذهابهم إلى القول بأن الرَّسُولَ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فداهم كل التفدية إلا محاولة لفتح الباب للقول بسقوط الصيام.

ولا ندري ماذا يقصد الجمهوريون بقوله إن السُنَّةَ هي الفكر، فكلمة فكر كلمة عامة عندما تطلق يُرَادُ بها الفكر الإغريقي والهندي والفارسي والعلماني الأوروبي، وغير ذلك من أنواع الفكر، أم أنهم يقصدون الفكر الإسلامي، وعلى العموم قد أخطأ الجمهوريون في هذه المسألة أيضًا لان الفكر فيما يبدو مرادف عندهم لِسُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خاصة نفسه، بينما الفكر هو محاولات علماء المسلمين العقلية لشرح الإسلام في مصادره الأصلية: القرآن
¬__________
(¬1) " رسائل الإصلاح ": 2/ 162.

الصفحة 14