كتاب موقف الجمهوريين من السنة النبوية

الهوى وإخراجه من النوعين المتبعين لِسُنَّة النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فالنوع الأول المتبع لِسُنَّة النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نوع اتبع الرَّسُولَ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأشياء التي صدرت عنه على وجه العادة والجبلة تأسيًا واتباعًا ورجاء لثواب الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فهذا يثاب على اتباعه، ومثاله فعل عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فقد كان يتحرى متابعة الرَّسُولِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كل شيء حتى قيل أنه كان يتحرى أن يتبرز في المكان الذي تبرز فيه الرَّسُولُ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقيل عنه أنه كان يستدير بناقته في الخلاء فيسأل عن ذلك، فيقول: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اِسْتَدَارَ بِنَاقَتِهِ فِي هَذَا المَكَانِ فَفَعَلْتُهُ اِتِّبَاعًا» (¬1).

أما النوع الثاني من المسلمين فهو نوع اتبع الرَّسُولَ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كل أمره ما عدا بعض الأشياء التي فعلها على سبيل العادة والجبلة، ولم يترك هؤلاء - حتى هذا القليل - لعدم إيمانهم به، بل يؤمنون بأنه سُنَّةٌ، ويؤمنون بصدق الرَّسُولِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كل أمره، وإنما تركوا الاتباع في سُنَّةٍ فعلها الرَّسُولُ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على وجه الجبلة لضعف نفوسهم، كما قال الشافعي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عن نتف الإبط، ولكن نفسه لا تقوى على ذلك، فهذا النوع لا شيء عليه ولا يسمى تاركًا لِلْسُنَّةِ.

أما الثالث فهو من صنف أهل الهوى، يحاولون استخدام السُنَّةِ لنشر باطلهم، ومن هذا النوع الجمهوريون، فقد دعوا إلى ترك السُنَّةِ التي صدرت من الرَّسُولِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على وجه الجبلة، وقالوا إن
¬__________
(¬1) انظر: " رسائل الإصلاح ": 2/ 74 وما بعدها.

الصفحة 57