كتاب المحدث الفاصل ت أبو زيد

إقليم بابل لم يكن إلا به ... فاليوم ليس لبابل إقليمُ
أنى اهتدى ريب المنون لسائر ... فوق النجوم محله المرسومُ
ظَلم الزمان فبزَّ عنه كماله ... ومن العجائب ظالم مظلومُ
لا تعجبن من الزمان وغدره ... فحديث غدرات الزمان قديمُ
لو كان ينجو ماجد لتقيةٍ ... نجَّى ابنَ خلاد التُّقى والخِيمُ (¬١)
لكنه أمر الإله وحكمه ... وقضاؤه في خلقه المحتومُ
روض من الآداب غضٌّ زهرُه ... ركد الهجير عليه فهو هشيمُ
وحديقة لما تزل ثمراتها ... تُحَفَ الملوك أصابهن سمومُ
شمامة الوزراء حلو حديثه ... تحف لهم دون النديم نديمُ
ريحانة الكُتَّاب من ألفاظه ... يُتعلَّم المنثور والمنظومُ
أما العزاء فما يحل بساحتي ... والصبر عنك كما علمت ذميمُ
وإذا أردت تسليًا فكأنني ... فيما أدرت من السلوِّ مليمُ
فعليك ما غنَّى الحمام تحية ... ومع التحية نضرة ونعيمُ (¬٢)

* * *
_________
(¬١) الخيم، بالكسر: السجية والطبيعة، وقيل: الخُلق، وقيل: سعة الخلق. «تاج العروس» (خ ي م).
(¬٢) «يتيمة الدهر» (٣/ ٤٩٣).

الصفحة 29