كتاب مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة

ويستعيذون من عذابي، ولم يروا يوماً أكثر عتيقاً وعتيقة من النار)) هذا لفظ البزار.
ولفظ أبي يعلى: ((ما من أيام أفضل عند اللَّه من عشر ذي الحجة)) فقال رجل يا رسول اللَّه! هي أفضل أم عدتهنّ جهاداً في سبيل اللَّه؟ فقال: ((هي أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل اللَّه إلا عفيراً يعفِّر وجهه في التراب (¬1)، وما من يوم أفضل عند اللَّه من يوم عرفة، ينزل اللَّه إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا عبادي شعثاً غبراً ضاحين، جاؤوا من كلِّ فجٍّ عميقٍ، لم يروا رحمتي، ولم يروا عذابي، فلم أر
يوماً أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة)) (¬2).

وعشر ذي الحجة، فضلها عظيم بيَّنه اللَّه تعالى في كتابه، وبيَّنه رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - في سنته، ومن ذلك الفضائل الآتية:
الفضل الأول: هي الأيام التي أقسم اللَّه تعالى بها في كتابه بقوله:
{وَالْفَجْر* وَلَيَالٍ عَشْر} (¬3)، وهي عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد، وابن كثير، وابن القيم، وغير واحد من السلف والخلف (¬4).
¬_________
(¬1) عفيراً يعفر وجهه: العفر: ظاهرُ التُّرابِ ويُسَكَّنُ، ج: أعْفارٌ ... وعَفَرَهُ في التُّرابِ يَعْفِرُهُ، وعَفَّرَهُ فانْعَفَرَ وتَعَفَّرَ: مَرَّغَهُ فيه، أو دسَّهُ وضَرَبَ به الأرضَ كاعْتَفَرَهُ. [القاموس المحيط، مادة ((عفر))].
(¬2) أخرجه البزار في كشف الأستار، برقم 1128، وهو في مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة، ومسند أحمد، لابن حجر، 1/ 456، برقم 777، ورواه ابن حبان، برقم 3842، وأبو يعلى، 4/ 69، برقم 2090، وقال الإمام المنذري في الترغيب والترهيب، 2/ 151: ((رواه البزار بإسناد حسن، وأبو يعلى بإسناد صحيح))، وصححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 32.
(¬3) سورة الفجر، الآيتان: 1 - 2.
(¬4) تفسير ابن كثير، 4/ 106، وزاد المعاد، 1/ 56.

الصفحة 25