كتاب مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة

وقال رحمه اللَّه: ((لقد مرَّ بي وقتٌ في مكة سقمتُ فيه ولا أجد طبيباً، ولا دواءً، فكنت أُعالج نفسي بالفاتحة فأرى لها تأثيراً عجيباً، آخذ شربةً من ماء زمزم وأقرؤها عليها مراراً، ثم أشربه فوجدت بذلك البُرْءَ التَّام، ثم صرتُ أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع به غاية الانتفاع، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً، فكان كثير منهم يبرأ سريعاً)) (¬1).

الثامن والعشرون: إذا طاف الحاجُّ طواف الوداع خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه؛ لحديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -، وفيه: (( ... وأما طوافك بالبيت إذا ودَّعت فإنك تخرج من ذنوبك كيوم ولدتك أمك)) (¬2).
وفضائل الحج والعمرة لا تحصل إلا لمن أخلص عمله لله، وأدَّى حجه أو عمرته على هدي رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فهذان شرطان لابد منهما في قبول كل قول وعمل:

الشرط الأول: الإخلاص للمعبود؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) (¬3). ولهذا حَرِصَ النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإخلاص
والدعاء به، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: حجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على رَحْلٍ رثٍّ وقطيفة (¬4) تسْوى أربعة دراهم، أو لا تسْوَى ثم قال: ((اللَّهم حِجةٌ لا رياءَ
¬_________
(¬1) زاد المعاد، 4/ 178، والجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ص 21.
(¬2) رواه الطبراني في الأوسط [مجمع البحرين في زوائد المعجمين، 3/ 185، برقم 1650]، وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 10، 11.
(¬3) متفق عليه: البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، برقم 1، ومسلم، كتاب الإمارة، باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنية))، برقم 1907.
(¬4) قطيفة: كساءٌ له خمْلٌ. الترغيب للمنذري، 2/ 130.

الصفحة 42