كتاب مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة
المبحث الأول: مفهوم المناسك، والحج، والعمرة
أولاً: مفهوم المناسك: لغة، واصطلاحاً:
المناسك لغة: جمع مَنْسَِك - بفتح السين وكسرها - من نَسَكَ يَنْسُكُ منسكاً: تعبَّد، قال ابن الأثير رحمه اللَّه: (( ... ٍ فالمناسك جمع مَنْسَِك - بفتح السين وكسرها -، وهو المتعبَّد، ويقع على المصدر، والزمان، والمكان، ثم سُمِّيَتْ أمور الحجِ كلّها مناسك.
والمَنْسَِك: المذبَحُ، وقد نَسَكَ ينْسُكُ نَسْكاً، إذا ذبح، والنسيكة: الذبيحة، وجمعها: نُسُكٌ.
والنُّسُكُ أيضاً: الطاعة والعبادة، وكل ما تُقُرِّبَ به إلى اللَّه تعالى، والنُّسك: ما أمرت به الشريعة، والورع: ما نهت عنه.
والناسك: العابد، وسُئل ثَعْلَبٌ عن الناسِك ما هو؟ فقال: هو مأخوذٌ من النسيكة، وهي سبيكة الفضة المصفّاة، كأنه صفَّى نفسه لله تعالى)) (¬1).
قال اللَّه تعالى: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} (¬2) أي: متعبّداتنا (¬3).
ومنا سك الحج: عباداته، وقيل: مواضع العبادات، ومن فعل كذا فعيله نسك: أي دم يريقه (¬4).
وقال الراغب الأصفهاني رحمه اللَّه: ((النُّسُكُ: العبادةُ، والناسك:
العابد، واختصَّ بأعمال الحجِّ، والمناسك: مواقف النُّسُك، وأعمالها،
¬_________
(¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر، 5/ 48.
(¬2) سورة البقرة، الآية: 128.
(¬3) لسان العرب، لابن منظور، 10/ 499، والقاموس المحيط، للفيروزآبادي، ص 1233.
(¬4) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، للفيومي، 2/ 604.
الصفحة 6
840