كتاب المختار في الرد على النصارى

تعالى ذلك وأكبره، وغضب على أهله، وإن كان يعلم أن العرب لم تجعل الملائكة بناته على الولادة واتخاذ الصاحبة. فكيف يجوز مع ذلك أن يكون الله قد كان يخبر عباده قبل ذلك بأن يعقوب ابنه، وأن سليمان ابنه، وأن عزيرا ابنه، وأن عيسى ابنه؟
فالله تعالى أعظم من أن يكون له أبوة من صفاته، والإنسان أحقر من أن تكون بنوة الله تعالى من أنسابه.
والقول بأن الله يكون أبا وجدا وأخا وعما للنصارى ألزم، وإن كان للآخرين لازما، لأن النصارى تزعم أن الله هو المسيح بن مريم، وأن المسيح قال للحواريين: إخوتي. فلو كان للحواريين أولاد لجاز أن يكون الله عمهم، بل قد يزعمون أن مرقش هو ابن شمعون الصفا، وأن زوزري ابنته، وأن النصارى تقر أن في إنجيل مرقش: "مازاذ، أمك وإخوتك على الباب" وتفسير "مازاذ" معلم. فهم لا يمتنعون من أن يكون الله تبارك وتعالى أبا وجدا وعما.
ولولا أن الله قد حكى عن اليهود أنهم قالوا: إن عزيرا ابن الله، ويد الله مغلولة، وإن الله فقير ونحن أغنياء، وحكى عن النصارى أنهم قالوا: المسيح ابن الله، وقال: قالت النصارى المسيح ابن الله. وقال: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} لكنت لأن أخر من السماء أحب إلي من أن ألفظ بحرف مما يقولون. ولكني لا أصل إلى إظهار جميع مخازيهم، وما يسرون من فضائحهم، إلا بالإخبار عنهم، والحكاية منهم.
فإن قالوا: خبرونا عن الله، وعن التوراة، أليست حقا؟ قلنا: نعم. قالوا:

الصفحة 75