كتاب مختصر كشف الغمة عن أدلة الحجاب في الكتاب والسنة

وهذا يؤكد أن هذه الآية تعني من يحل لهم الدخول دون حجاب من المحارم أو المملوكين لأنهم وإن استأنسوا قبل الدخول إلا أنه يحتمل أن يصادف دخولهم انكشاف العورة إن لم يحصل تحفظ من أهل البيت، فجاء الأمر بالحرص على الاستتار حفظا للفروج.
ولما كانت النساء هن مكمن الفتنة؛ لم يقتصر الأمر لهن بالغض من البصر وحفظ الفروج فقط كما جاء في حق الرجال، بل تعداه إلى منع كل ما من شأنه أن يكون سبباً للافتتان بهن ممن يدخل عليهن أو من قد يخلو بهن ممن أُذن له الدخول عليهن، وذلك بأمرهن بالتستر وعدم إبداء الزينة إلا ما ظهر منها بقوله
تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} والمراد هو النهي عن إبداء زينتهن الباطنة لمن يحل له الدخول عليهن في البيوت - من الرقيق ونحوهم - والاكتفاء بإبداء الزينة الظاهرة لهم وذلك بلبس الرداء وضرب الخمار على الجيب كما أسلفنا.
- عاشرا: ومن القرائن كذلك قوله تعالى في آخر الآية {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} النور: ٣١ وهي النهي عن الضرب بالأرجل، فلما كان الخلخال من الزينة الباطنة التي لايجوز إبداؤها إلا للزوج كما قال ابن عباس: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} قال: الزينة التي تبديها لهؤلاء الناس قرطاها وقلادتها وسواراها، فأما خلخالها

الصفحة 261