كتاب مختصر الصارم المسلول على شاتم الرسول

"اعْدِل"، وقد ذكرنا (¬١) عن عمر - رضي الله عنه - أنه قتل رجلًا لم يرضَ بحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزل القرآن بموافقته (¬٢)، فكيف بمن طعن في حكمه!؟
وقد ذكر طائفةٌ - منهم ابنُ عقيل وأصحابُ الشافعي -: أنَّ هذا كان عقوبته التعزير، ثم منهم من قال: لم يُعَزِّره؛ لأنه غير واجب، ومنهم من قال: عَفَى عنه؛ لأنَّ الحقَّ له. ومنهم من قال: عاقبَه بأن أمرَ الزُّبيرَ أن يسقي ثم يحبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، وهذه كلُّها أقوالٌ رديَّة، ولا يستريب من تأمَّل أن هذا كان يستحق القتل.
فإن قيل: ففي روايةٍ صحيحة أنه كان من أهل بدرٍ، ولا يقال عن بدريٍّ: إنه كفر.
فيقال: هذه الزيادة ذكرها أبو اليَمَان عن شُعيب ولم يذكرها أكثر الرواة، فهي وهم (¬٣). كما وقع في حديث كعب وهلال بن أميَّة (¬٤) أنهما من أهل بدرٍ، ولا يختلفُ أهل المغازي والسِّيَر أنهما لم يشهدا بدرًا (¬٥)،
---------------
(¬١) لم يتقدم شيءٌ في "المختصر"، وإنما هو في أصله: (٢/ ٨٥).
(¬٢) هذه القصة أخرجها إسحاق بن راهويه في "تفسيره"، وابن دُحَيم في "تفسيره" وابن جرير: (٤/ ١٦٢)، وابن أبي حاتم في "تفسيره".
وانظر "الصارم": (٢/ ٨١ - ٨٥)، و"فتح الباري": (٥/ ٤٦)، و"الدر المنثور": (٢/ ٣٢٢). ومال إلى تقويتها ابن تيمية وابن حجر.
(¬٣) لم يجزم ابن تيمية بأنها وهم وعبارته: "فيمكن أنها وهم".
(¬٤) كذا وقع هنا ومثله في الأصل: ٣/ ٩٨٧ وفي العبارة سقط صوابه: "كما وقع في حديث كعب [بشأن مرارة بن الربيع] وهلال بن أمية". فلا بد من هذه الزيادة لأن كعبًا صرح بأنه لم يشهد بدرًا، لكن جاء في حديثه أن مرارة وهلالًا من أهل بدرٍ.
(¬٥) انظر الخلاف في ذلك في "فتح الباري": (٧/ ٣٦١ - ٣٦٢، ٧٢٤ - ٧٢٥)، و"زاد =

الصفحة 102