كتاب مختصر الصارم المسلول على شاتم الرسول

والثاني: أن يكون مما يُتديَّن به، ويعتقده تعظيمًا، مثل قول النصارى: له ولدٌ وصاحبة، فهذا مما اخْتُلِفَ فيه إذا أظهره الذمي؛ فقال القاضي وابن عقيل: ينتقض به عهدُه.
وقال مالك والشافعي: ما يتديَّن به ليس هو بسبٍّ، وهو ظاهر كلام أحمد، وذلك أن الكافر لا يقول ذلك سبًّا، بل هو عنده تعظيم.
المسألة الثانية: في استتابة الذمي:
فجمهور أصحابنا يقبلون توبته، وهذا المعروف من مذهب الشافعي، وكذا قال ابنُ القاسِم وغيره من المالكية: إنه يُسْتَتَاب، والمنصوص عن مالكٍ: أنه لا يُستتاب بل يُقتل، وهو ظاهر كلام أحمد.
وبالجملة؛ فالسبُّ ثلاثة (¬١) مراتب:
الأولى: ما يتديَّن به، كقول النصارى في عيسى ونحوه، فهذا حكمه حكم سائر أنواع الكفر، وقد ذكرنا الخلاف في انتقاض العهد بإظهاره (¬٢)، وإذا قيل بانتقاض العهد به؛ فسقوط القتل عنه بالإسلام متوجِّه، وهو قول الجمهور.
المرتبة الثانية: أن يذكر ما يتديَّن به، وهو سبٌّ لدين المسلمين، كقول اليهوديِّ للمؤذِّن: "كذبتَ"، وكردِّ النصرانيِّ على عمر (¬٣)، وكما لو
---------------
(¬١) كذا بالأصل
(¬٢) تقدم قريبًّا
(¬٣) تقدم ص/ ٩٠.

الصفحة 113