لا يشعُر؛ لأن فيه سوء أدب واستخفاف وهو لا يشعر به؛ فكيف بمن يسبُّه ويستخفُّ به ويؤذيه مع قصده له وتعمُّده لذلك؟! فهو كافر بطريق الأَوْلى.
الدليل السابع: قوله - سبحانه -: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} إلى قوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} [النور: ٦٣].
فأمر من يخالف أمره أن يحذر الفتنة وهي الرِّدَّة والكفر، لقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: ١٩٣].
قال الإمام أحمد (¬١): "الفتنة الشرك، لعلَّه إذا (¬٢) ردّ بعض قوله أن يقع في قلبه شئٌ من الزيغ فيُهْلِكَه" وجعل يتلو هذه الآية: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية [النساء: ٦٥].
قال (¬٣): فأَتعجَّبُ من قومٍ عرفوا الإسنادَ وصحتَه ويذهبون إلى رأي فلان أو فلان، قال: فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: ٦٣] تدري ما الفتنة؟ الكفر، فيدعون الحديثَ وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي.
وإذا كان المخالف (¬٤) لأمره قد حُذِّر من الكفر أو العذاب الأليم، وإفضاؤه إلى الكفر إِنَّما هو لما قد يقترنُ به من استخفافٍ بحقِّه كما
---------------
(¬١) في رواية الفضل بن زياد.
(¬٢) في الأصل: "أن إذا" وهو سبق قلم.
(¬٣) أي الإمام أحمد في رواية أبي طالب أحمد بن حميد المشكاني.
(¬٤) في الأصل: "المخالفة" والمثبتُ هو الصواب كما في "الصارم": (٢/ ١١٧).