كتاب مختصر الصارم المسلول على شاتم الرسول

قال شيخ الإسلام: والحكاية المذكورة عن الفقهاء أنه إن كان مُستحلًّا كفر وإلا فلا، ليس لها أصل، وإنما نقلها القاضي (¬١) من كتاب بعض المتكلِّمين الذين حكوها عن الفقهاء، وهي كَذِب ظنُّوها جاريةً على أصولهم، فلا يظن ظانٌّ أن في المسألة خِلافًا، إنما ذلك غَلَط (¬٢).

فصلٌ (¬٣)
ثم نعود إلى مقصود المسألة فنقول:
قد ثبت أن كلَّ سبٍّ وشَتْمٍ يُبيح الدمَ فهو كفر، وإن لم يكن كل كفرٍ سبًّا، ونحن نذكر عبارات العلماء.
قال الإمام أحمد (¬٤): "من شتم الرسول أو تنقَّصه مسلمًا كان أو كافرًا فعليه القتل، ولا يُستتاب".
وقال: من ذكر شيئًا يُعرِّض بذكر الربِّ فعليه القتل (¬٥).
وقال أصحابُنا: التعرُّض لسبِّ الله وسبِّ رسوله رِدَّةٌ كالتصريح (¬٦)،
---------------
(¬١) يعني: أبا يعلى.
(¬٢) ثم ذكر شيخ الإسلام في هذا الموضع: (٣/ ٩٦٠ - ٩٧٦) شُبَه المرجئة والكرَّامية والجهمية القائلين: إن مجرد السب والاستهزاء ... ليس بكفر، بل لا بُدَّ معه من الاستحلال. وأجاب عن هذه الشبه بما لا مزيد عليه. وقد لخَّصْنا كلامَه في مقدمة التحقيق (ص/ ٨ - ١٤) فأغنى عن إعادته هنا.
(¬٣) "الصارم": (٣/ ٩٧٧).
(¬٤) انظر ما تقدم ص/ ٩٠.
(¬٥) في رواية حنبل، كما في "الجامع": (٢/ ٣٣٩ - أهل الملل) للخلال.
(¬٦) انظر "الإنصاف": (١٠/ ٣٣٣).

الصفحة 98