كتاب المختصر الكبير في سيرة الرسول
ضَمُّ عبد الْمطلب ثمَّ أبي طَالب رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] / 5
وَرُوِيَ أنّ عبد الْمطلب ضمَّ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِلَيْهِ بعد وَفَاة أمّه، ورقّ عَلَيْهِ رِقّةً لم يرقَّها على وَلَدِه، وَكَانَ يقرِّبه مِنْهُ ويُدْنيه، ويَدخل عَلَيْهِ إِذا خَلاَ وَإِذا نامَ، وَكَانَ يَجلس على فرَاشه فَيَأْخذهُ أعمامُه ليؤخِّروه عَنهُ، فَيَقُول عبد الْمطلب إِذا رأى ذَلِك: دَعُوا ابْني، إِنَّه لَيؤنِسُ مُلْكاً. وَفِي رِوَايَة: دَعوا ابْني فوَاللَّه إنَّ لَهُ لَشأناً. وَقَالَ عبد الْمطلب لأمّ أَيْمن، وَكَانَت تحضنُ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : يَا بَرَكة لَا تغفلي عَن ابْني فإنّي وجدتُه مَعَ غلمانٍ قَرِيبا من السِّدْرة، وإنّ أهل الْكتاب يَزْعمُونَ أنّ ابْني نبيُّ هَذِه الأمّة.
وَكَانَ عبد الْمطلب لَا يَأْكُل طَعَاما إِلَّا قَالَ: عليَّ بِابْني. فيُؤتى بِهِ إِلَيْهِ. ولمّا حَضرته الْوَفَاة أوصى أَبَا طَالب بِحِفْظ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] . وحِياطته. وَمَات فدُفن بالحَجون، وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة، وَقيل: خمس وَتِسْعين، وَقيل: مائةٍ وعشرٍ، وَقيل: مائةٍ وَعشْرين، وَقيل: مائةٍ وَأَرْبَعين سنة.
سُئل رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَتذْكر موتَ عبد الْمطلب؟ قَالَ: نعم، أَنا يَوْمئِذٍ ابْن ثَمَان سِنِين. قَالَه الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي، وَجزم بِهِ، وَهُوَ الْمَشْهُور، وَقيل: تُوفِّي عبد المطَّلب، ولرسول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ستُ سِنِين، وَقيل: عشرٌ، وَقيل:
الصفحة 28
160