كتاب مجموعة القصائد الزهديات (اسم الجزء: 1)

فَكَمْ مُوْجَعٌ يَبْكِي عَلَيْهِ مُفْجَعٌ ... وَمُسْتَنجْدٌ صَبْرًا وَمَا هُوَ صَابِرُ
وَمُسْتَرْجِعٍ دَاعٍ لَهُ اللهَ مُخْلِصًا ... يَعْدِّدُ مِنْهُ كُلَّ مَا هُو ذَاكِرُ
وَكَمْ شَامِتٍ مُسْتَبْشِرٍ بِوَفَاتِهِ ... وَعَمَّا قَلِيْلٍ لِلَّذِي صَارَ صَائِرُ
وَحَلَّ أَحَبُّ القَوْمِ كَانَ بِقُرْبِهِ ... يَحُثُّ عَلى تَجْهَيْزِهِ وَيُباَدِرُ
وشَمَّرَ مَنْ قَدْ أَحْضَرُوهُ لِغَسلِهِ ... وَوُجِّهَ لَمَّا فَاضَ لِلْقَبْرِ حَافرُ
وَكُفِّنَ في ثَوْبَيْنِ وَاجْتَمَعُوا لَهُ ... مُشَيّعُهُ إِخْوَانُهُ وَالعَشَائِرُ
فَلَوْ أبْصَرَتْ عَيْنَاكَ أَوْلاَدَهُ الذِي ... عَلى فَقْدِهِ مِنْهُمْ قُلُوبٌ تَفَطَّرُ
لَعَايَنْتَ مِنْ قُبْحِ المنِيَّةِ مَنْظَرًا ... يُهَالُ لِمَرْآهُ وَيَرْتَاعُ نَاظِرُ
أَكَابِرُ أَوْلاَدٍ يَهِيْجُ اكْتِئَآبُهُمْ ... إِذَا مَا تَنَاسَوْهُ البَنُوْنَ الأَصَاغِرُ
وَربّةُ نِسْوَانٍ عَلَيْهِ جَوَازِعٌ ... مَدَامِعُهُمْ فَوْقَ الخُدُودِ غَوَازِرُ
ثَوَى مُفْرَدَاً في لَحْدِهِ وَتَوَزَّعَتْ ... مَوَارِيْثَهُ أَوْلاَدُهُ وَالأَصَاهِرُ
وَأَحْنَوا إِلَى أَمْوَالِهِ يَقْسِمُوْنَهَا ... فَلاَ حَامِدٌ مِنْهُمْ عَلَيْهَا وَشَاكِرُ
فَيَا عَامِرَ الدُّنْيَا وَيَا سَاعِيَاً لَهَا ... وَيا آمِنًا مِمَّا تَدُوْرُ الدَّوَائِرُ ...
سَتَلْقَى الَّذيْ لاَقَى عَلَى الرّغْم آنِفًا ... فَخُذْ أهبةً وَاحْرصْ فَمَا لَكَ عَاذر
انْتَهَى
آخر:

أَلاَ إنما الدُّنيا مَتَاعُ غُرُورِ ... ودارُ بَلاَءٍ مُؤذِنٍ بِثُبُور
ودَارُ مُلِمَّاتٍ وَدَارُ فَجَائِعِ ... ودارُ فَنًا في ظُلْمَةٍ وَبُحُورِ
ودارُ خَيَالٍ مِن شُكُوكٍ وَحِيْرَةٍ ... وَدَارُ صُعُودٍ فِي الْهَوَى وَحُدُورِ
وإن امرؤ لم يَنْجُ فيها بنفْسِهِ ... على مَا يَرَى فيها لَغَيرُ صَبُورِ
ولا بُدَّ من يَومَينِ يَومِ بَليَّةٍ ... إِرادةُ جَبَّارٍ وَيَومِ نُشُورِ
كأَنِّي بيَومِ ما أَخَذْتُ تَأَهُّبًا ... لِرَبّي رَوَاحِي مَرةً وَبُكُورِي
كَفَى حَسْرةً أَن الحوادث لم تَزَلْ ... تُصَيِّرُ أَهْلَ المُلْكِ أَهْلَ قُبُورِ

الصفحة 542