كتاب مجموعة القصائد الزهديات (اسم الجزء: 2)

والصدقُ والإخلاص رُكْنَا ذلك ... التّوحِيدِ كالرُكَنين للِبنيَانِ
وحَقِيقَةُ الإخلاص توحِيدُ المُرا ... دِ فلا يُزَاحِمُه مُرادٌ ثانَ
لَكِنمْ مُرادُ العبدِ يَبقَى واحِدًا ... ما فِيهِ تَفْرِيقٌ لَدَى الإنسانِ
إِنْ كَانَ رَبُكَ واحدًا سُبْحَانَهُ ... فاخصُصْهُ بالتوحِيدِ مَعْ إحسانِ
أو كان ربّك واحدًا أنشاكَ لَم ... يُشركه إذ أنشاك رَبُ ثانِ
فكذاك أيضًا وَحْدَهُ فاْعُبُده لاَ ... تُعْبُدْ سِواهُ يا أخَا العِرفانِ
والصدقُ توحيدُ الارادة وهو بَذْ ... لُ الجَهْدِ لا كَسَلاً ولا مُتَوانِ
والسنةُ المُثْلى لسَالكِهِا فَتَو ... حِيدُ الطريقِ الأعظمِ السُلطاني
فَلِواحدٍ كُنْ واحدًا في واحِدٍ ... أَعْنَى سِبيلَ الحق والإيمانِ
هَذِي ثلاثٌ مُسْعِداتٌ للذي ... قَدْ نَالهَا والفَضْلُ لِلمَنَّانِ
فإذا هيَ اجَتَمَعَتْ لِنَفْسٍ حُرَّةٍ ... بَلغَتْ مِن العَلْياءِ كُلَّ مَكَانِ
لله قلبٌ شامَ هَاتيكِ البُروُ ... ق مِن الخيَامِ فَهَمَّ بالطَّيَرانِ
لَولا التَّعلُلُ بالرَجاءِ تَصَدَّعَتْ ... أعْشَارُهُ كَتَصَدُّعِ البُنَيَانِ
وَتَراهُ يَبْسُطُهُ الرجاءُ فَيَنْثَنِي ... مُتَمايلاً كَتَمايُلَ النّشْوانِ ...
وَيُعودُ يقْبِضُه الإياسُ لكونهِ ... مُتَخَلِّفًا عَن رُفْقةِ الإحْسَانِ
فَتَراهُ بَينَ القَبْضِ والبَسْطِ اللَّذا ... نِ هُمَا لأفُقْ سَمَائِهِ قُطْبانِ
وبدا له سُعْدُ السُعُود فِصَارَ ... مَسْرَاهُ عَلَيه لاَ عَلَى الدُّبرانِ
لله ذِيَّاكَ الفَرْيقُ فإنَّهُمْ ... خُصُّوا بِخَالِصَةٍ مِن الرحمنِ
شُدَّتْ رَكَائِبُهُم إلى مَعْبُودَهِمْ ... ورَسُولِهِ يا خَيبةَ الكَسْلانِ

تمَّ هذَا الجُزْءُ الثاني من القصائد الزهديات بعَون الله وَتَوفِيقِه وَنسْألُ الله الحَيَّ القَيَّوم العَليّ العَظِيمَ ذا الجَلاَلِ والإِكْرَامِ الوَاحِدَ الأحَدَ الفَرْدَ الصَّمَدَ الذي لَمْ يَلدْ وَلَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كفوًا أُحَد أنْ يُعِزَّ الإِسْلاَمَ والمُسْلِمِينَ وأنْ يَخْذُلَ الكَفَرَةَ والمُشْرِكْيِنَ وَأعْوَانَهُمْ وأنْ يُصْلِحَ من في صلاحه صَلاحُ للإِسْلامِ والمُسْلِمِينَ وَيُهْلكَ منْ في هَلاكِهِ عز وصلاح للإسْلامِ والمُسْلِمِينَ وَأنْ يَلُمَّ شَعَثَ المُسْلِمِينَ وَيَجْمَعَ شَمْلَهُمْ وَيُوَحِّدَ كَلمَتَهُمْ وَأنْ يَحْفَظَ بَلادَهُمْ ويُصْلِحَ أولادَهُمْ وَيَشْفِي مَرْضَاهُمْ وَيُعَافِي مُبْتَلاَهُمْ وَيَرْحَمَ مَوتَاهُمْ وَيَأخُذَ

الصفحة 592