وكالهواء لا يرى ووجوده ثابت من آثاره حولنا، وكالكهرباء لا ترى وتدرك من آثارها ... إلخ.
ولفظ التأويل في الشرع له عدة معانٍ:
1 - التأويل الذي بمعنى التفسير والبيان وهو الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن كابن جرير الطبري وغيره.
2 - التأويل الذي بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الكلام كما قال تعالى {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} (الأعراف: 53) وأمثلة هذا النوع كثيرة في القرآن ولا سيما ما يتعلق بأخبار المعاد.
3 - التأويل في اصطلاح المتأخرين وهو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى احتمال آخر مرجوح لدليل يقتضي ذلك.
فإن كان صرف اللفظ عن ظاهره لأمر يظنه الصارف دليلاً وليس بدليل على الصحيح فهذا تأويل فاسد. ومن ذلك تأويل المتكلمين لآيات وأحاديث الأسماء والصفات بدعوى التنزيه لموافقة أدلتهم العقلية في قضية الأسماء والصفات. فهذا ليس بدليل تعارض به نصوص الكتاب والسنة. ودعوى التنزيه لا تعارض الإثبات الذي عليه أهل السنة إذ إنهم لا يكيفون صفة ولا يشبهون الخالق بالمخلوق، لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشورى: 11). فنفى التشبيه تنزيهاً للخالق مع إثبات صفتي السميع والبصير. وبالجملة فليست أدلة المتكلمين العقلية المأخوذة من علم الكلام بأدلة تؤول أو تخصص أو تقيد بها الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة.
فإن كان صرف اللفظ عن ظاهره بدليل شرعي صحيح في نفس الأمر فهذا تأويل صحيح مقبول. (1)
__________
(1) - طبقاً لاصطلاح المتأخرين لما ذكرنا.