وقال - صلى الله عليه وسلم -: (وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) رواه مسلم.
وقال - صلى الله عليه وسلم - في الفرقة الناجية أنها على ما هو عليه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم -.
فما أجمع عليه الصحابة في الاعتقاد المبني على فهم فهموا به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لا يسع أحد عند أهل السنة والجماعة أن يخرج عنه والإصرار بذلك من أهل الأهواء والبدع. ولهذا يحتج أهل السنة على أصحاب المذاهب المبتدعة بكونهم مخالفين لفهم الصحابة - رضي الله عنهم - للكتاب والسنة في أمور الاعتقاد. فإذا كان الإجماع في الدين حجة فأولى الإجماع إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى في سورة الأحقاف: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه} (الأحقاف: 11)
"وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - هو بدعة لأنه لو كان خيراً لسبقونا إليه لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها" (1) .ا. هـ
** وفي تفسير القرآن وفهم معانيه:
فإن الصحابة - رضي الله عنهم - أعلم الناس بكتاب الله تعالى، لم يفتهم من آياته علماً وعملاً شيئاً، وبلغوا في ذلك شأناً لا يدركهم فيه من جاء بعدهم. لذا كان مقرراً عند السلف الصالح ومن سار على دربهم تقديم فهم الصحابة للقرآن الكريم على من سواهم ممن خالفهم في ذلك.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (2) يجب أن يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين لأصحابه معاني القرآن، كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم} (النحل: 44) يتناول هذا وهذا، وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرءون القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعملوا ما فيها من
__________
(1) - تفسير ابن كثير جـ4/ص65 ط. المكتبة التوفيقية القاهرة.
(2) - من الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ط. دار التراث القاهرة ج4/ص175 – 176 وراجع في ذلك مقدمة في التفسير لابن تيمية.