كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

وقد عرفوا في فترات بأنهم (أهل الحديث) حيث كان أهل الحديث رواية ودراية هم السائرون على ما كان عليه صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - والمحافظون على ما كانوا عليه علما وعملا. (1)
وعرفوا في أحد الأدوار باسم (أهل السنة والجماعة) استنادا إلى كونهم الملتزمين بجماعة المسلمين المحافظين على عقائد الأمة (2) وتمييزا لهم عمن خرج عن عقائد الأمة وشذ عن الجماعة من أهل البدع والأهواء كالخوارج والمرجئة والمعتزلة والرافضة.
والسلفية قبل ذلك كله -وفي مدلولها الخاص- اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والذي كانت سيرته العطرة القمة التي يتطلع إليها سلفنا الصالح وحولوها إلى سيرة حية في كيانهم.
فالسلفية إذا ليست من تأسيس بشر، وإنما هي الإسلام نفسه بالفهم السليم علما وعملا، وهي تمسك بما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا تخرج عما كانوا عليه. (*)
والانتساب للسلفية إذا أمر ممدوح، ومن انتسب إلى مذهب السلف وجب قبول ذلك منه وإقراره عليه:
يقول ابن تيمية رحمه الله: "لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه، واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا، فإن كان موفقا له باطنا وظاهرا فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطنا وظاهرا، وإن كان موفقا له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق فتقبل منه علانيته، وتوكل سريرته إلى الله، فإننا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا نشق بطونهم" ا. هـ. (3)
فمن أظهر التمسك بالسلف قُبل ذلك منه، فإن خالف السلف علما وعملا وجه إلى الصواب من علم وعمل السلف الصالح.
__________
(1) - قواعد المنهج السلفي: ص 23 – 24
(2) - المرجع السابق: ص 23 – 24
(*) ظهرت ملامح متعددة للاتجاه السلفي في العصر الحديث، وإن بدت في جهود متفرقة لعلماء في أنحاء مختلفة من بلدان العالم الإسلامي. كما كان للسلفيين دور ظاهر في المحافظة على نقاء التوحيد والعقيدة الإسلامية والعبادات، وكذلك الجهاد ضد الاستعمار الغربي الصليبي.
(3) - نقض المنطق لابن تيمية: ص.123 وهذه المسألة بديهية إذ أن الإقرار بفضل السلف يوجب مدح من زعم وأظهر إتباعهم والاقتداء بهم.

الصفحة 14