كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

ظهور مصطلح السلفية
من الناحية التاريخية

ظهر مصطلح السلفية عقب تغيرات عديدة طرأت على المسلمين بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهت بظهور هذا المصطلح.
ويمكن إيجاز هذه التطورات على النحو التالي:
لم يلحق النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى إلا وقد بلغ الرسالة كاملة وأدى الأمانة تامة، وأكمل الله به الدين، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (المائدة: 3).
وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليس من شيء يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا قد أمرتكم به، وليس شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا قد نهيتكم عنه).
فبلغ الإسلام كماله قبيل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعد أهل الإسلام يحتاجون إلى شيء إلا أن يحافظوا على هذا الدين كاملا كما تلقوه وطبقوه في عهده - صلى الله عليه وسلم -.
وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمة من الإحداث في الدين، وإدخال ما ليس منه فيه، وأمر بالتمسك بهديه وهدي خلفائه الراشدين والعض عليها بالنواجذ، ونهى القرآن الكريم نهيا شديدا عن الاختلاف والتفرق في الدين.
فكان الدين عند ذلك تاما نقيا ظاهرا بينا، طريا كما أنزل، تنقاد إليه القلوب، وتستجيب له الجوارح، والأمة جميعها على قلب رجل واحد، لا يستطيع أحد أن يعمل فيها بالهوى، أو أن يدعو إلى ضلالة، وإلا فالأمة كلها تنبذه وتعاديه أما المنافقون فقد فضحهم الله وكشف عوراتهم فكانت الأمة منهم على حذر.
أما مسيلمة الكذاب وأتباعه فكان ضلالهم ظاهرا لكل ذي عينين، وبالجملة: فكان الدين واضحا لا غبار عليه.
فماذا وقع في الأمة بعد ذلك؟

الصفحة 16