كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

أولا: جيل الصحابة رضي الله عنهم

كان جيل الصحابة أحرص الأمة على حفظ الدين نقيا كما أنزل، وكانوا على قلب رجل واحد، لم يختلفوا في عقائد دينهم في شيء، وكان بمكة والمدينة أعيان الصحابة.
وتعد حروب الردة وقتال مانعي الزكاة أهم ما تعرض له الصحابة من أحداث خطيرة، ولكن الأمور سرعان ما عادت إلى حالتها الأولى بالقضاء على المرتدين وعودة مانعي الزكاة إلى الحق. ومن ثم ظلت الأمة محافظة على وحدتها وجماعتها.
ولقد تضافر أعيان الصحابة على إقامة الدين وإرساء قواعده، ونشره في الآفاق، وبذلوا في ذلك جهودا كبيرة، مع المحافظة على وحدة الجماعة لذا لم تظهر أي نظريات عقائدية مخالفة لجماعة المسلمين وما كانت الدعوات الغريبة لتجرؤ على الظهور أمام الملأ بل كانت تختبئ في طيات الفتن. (1)
وما وقع من اختلافات أو منازعات بين الصحابة لم تكن منازعات ذات أراء عقائدية خاصة. حتى الأحداث التي وقعت بعد مقتل عثمان - رضي الله عنه - لم يصحبها اختلاف عقائدي، إذ كان الجميع على عقيدة دينية واحدة.
فتميز المسلمون في عهد الصحابة رضي الله عنهم في فترة ما بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهم ظلوا على عهدهم محافظين، "وبعرى الجماعة موثقين ذلك منذ وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي ظل خلافة الشيخين فلا نسمع أصواتا معارضة ذات بال فالإجماع منعقد وتام. ثم انفرط عقد الجمع قليلاً واهتز في السنوات الأخيرة من سني عثمان، وإن لم تعد المياه إلى مجاريها بخلافة علي فقد تمت خلافته على أساس البيعة والشورى أي بنفس الطريقة التي أتى بها سابقوه إلى الخلافة فلم يعتمد فيها على وصية أو نص ولم يشر بكلمة إلى هذا. كما كان الخلاف منحصرا في الخلافة لم يتعداها إلى حجج وأسانيد بعيدة عن العقيدة أو بدع مستحدثة لم يعرفها الأوائل". (2)
__________
(1) - انظر في ذلك (نظام الخلافة في الفكر الإسلامي) د. مصطفى حلمي ص287 - 288. ولذلك لم تظهر دعوة عبد الله بن سبأ اليهودي المشهور بابن السوداء والتي أوقعت الفتنة التي انتهت بمقتل عثمان ثم قتال علي ومعاوية، وكان ابن سبأ أول من دعا إلى تأليه علي بن أبي طالب. وكانت الدعوة سرية مستترة ولم ينتبه لها المسلمون في عهد عثمان - رضي الله عنه - وعهد علي بن أبي طالب لسريتها. والله أعلم.
(2) - المرجع السابق ص 289 - 290

الصفحة 17