كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

ولما آمنت بلقيس أعلنت إسلامها: {وقالت ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} (النمل: 44) .
وقال تعالى عن حواريي عيسى عليه السلام: {قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} (آل عمران: 52) .
وقال تعالى عن مؤمني الجن أنهم من المسلمين: {وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا} (الجن:14 - 15) .
فالتوحيد دين الله، وهو دعوة كل رسول، والإسلام هو دين الله.
فإن قيل: إن الناس كانوا في الماضي مشركين فلزم أن تكون الدعوة إلى التوحيد حينئذ أول ما ينبغي أن يدعوا إليه. ولكن اليوم الناس على الإسلام يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فما الداعي إذاً لدعوة الناس إلى التوحيد من جديد والمناداة فيهم بأنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
والجواب:
أن هذه مقالة خاطئة بعيدة عن معرفة حال الناس اليوم ومعرفة ما هو التوحيد الذي جاءت به الرسل. فالناس اليوم أبعد ما يكونون – إلا من رحم ربك وهم قليل- عن تحقيق العبودية لله تبارك وتعالى.
فالعالم الإسلامي يبلغ تعداده أكثر من ألف مليون نسمة من إجمالي قرابة ستة آلاف مليون نسمة أي نسبة المسلمين لا تتعدى خمس مجموع العالم.
فكل ستة أشخاص بينهم خمسة من الكفار وواحد من المسلمين.
وهؤلاء الخمسة آلاف مليون كافر ما بين نصراني وهندوسي وبوذي ووثني وملحد. يحتاجون إلى دعوتهم إلى التوحيد وتصحيح عقائدهم أكثر من حاجتهم إلى الهواء الذي يتنفسونه والطعام والشراب الذي يتناولونه. وإلا فوراء حياتهم الدنيا عذاب أليم وسوء المصير في الآخرة.
أما الألف مليون مسلم ففيهم من المآسي والانحرافات ما يصعب حصره، فكثير من البدع والضلالات والخرافات والخزعبلات والمعتقدات الباطلة تنتشر بينهم، وكثير من أعمال الشرك الظاهر والخفي، الأكبر والأصغر، يرتكبونها بألسنتهم وجوارحهم، وتستولي على قلوبهم وعقولهم، فأين هم من إفراد الله تعالى بالعبادة وتوحيد الله تعالى؟

الصفحة 170