كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

وهذه المظاهر كلها دليل واضح على جهل المسلمين اليوم، بحقيقة دينهم، وأصل التوحيد، وغياب الفهم الصحيح عن عقولهم وحاجتهم الماسة إلى تحقيق التوحيد.
وبعيداً عن ذلك فإن هناك حقيقة هامة يجب ألا تغيب عن بالنا أبداً وهي:
"إن قضية التوحيد لا يدعى إليها الكفار وحدهم لكي يؤمنوا بها ويصححوا اعتقادهم من خلالها بخلع رداء الكفر أو الشرك والدخول فيها ولكن يدعى إلى قضية التوحيد أيضاً المؤمنون بها والمعتنقون لها والمستمسكون بها لكي تظل حية في قلوبهم راسخة في ضمائرهم عاملة في واقع حياتهم لا يفترون عنها أبداً ولا يغفلون عن مقتضياتها. وأن أعظم دليل على ذلك قول الله جل وعلا: (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً) (النساء: 136) . هكذا يدعى أهل الإيمان إلى الإيمان (1) .
ولقد علم أعداؤنا جيداً أن الجذور الحقيقية التي تضمن البقاء والسيادة والعزة لهذه الأمة في الأرض هي العقيدة فراحوا بخبث ودهاء يضعون الحواجز والسدود بين المسلمين وبين عقيدتهم الصافية الخالصة - من ناحية - ويشوشون عليها لتعكير صفائها من ناحية أخرى فوقع المسلمون قروناً ماضية في هذا الخلط العجيب وهذا الانفصام النكد وبخاصة في هذه الأيام التي تذبح فيها العقيدة على أيدي أبنائها الذين أبعدوا كثيراً عن حقيقتها ومقتضياتها حتى رأينا من يردد كلمة التوحيد وهو لا يفهم لها معنى ولا يعرف لها مضموناً ولا يقف لها على مقتضى". (2) ا. هـ.
__________
(1) - لقد ظل القرآن يربي الصحابة على العقيدة الإسلامية لا في مكة وحدها بل في المدينة كذلك فقضية العقيدة لا تذكر لفترة من الزمن ثم تترك للحديث عن قضايا أخرى.
(2) - خواطر على طريق الدعوة: جراح وأفراح للشيخ محمد حسان ط. دار الخلفاء، المنصورة، ط الأولى 1414هـ ص49 – 50 بتصرف يسير.

الصفحة 172