كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (المائدة: 50).
تفويض الأسماء والصفات ليس من توحيد السلف
يظن البعض ويزعم أن مذهب السلف تفويض معاني الأسماء والصفات أي إثبات ألفاظها كحروف من كلام أعجمي لا يفهم لها معنى، وهذا الادعاء باطل من وجوه منها:
1 - أن إثبات الصفات وهو عقيدة السلف ينافي تماماً القول بتفويضها، إذ إن مضمون الإثبات ما فيها من معاني من اللغة العربية، على الوجه اللائق بجلال الله وكماله، ومعنى تفويض المعنى الجهل به وعدم معرفته، وعدم الأخذ بمعنى اللفظ كما يفهم من اللغة، فالإثبات ينافي تفويض المعنى (1).
2 - أن الأقوال الكثيرة والآثار العديدة المنقولة عن السلف الصالح في إثبات الصفات تتضمن إثباتهم لمعانيها، ليس فيها تفويض معناها، مع التأكيد أنها ليست كصفات المخلوقين ولكنها على الوجه اللائق بكمال الله وجلاله.
أما ما قد ينقل عن البعض مما يوهم نفي المعنى فالمراد المعنى الذي مال إليه المتأولة والمعطلة ومن شابههم (2). وإلا فما أحد ينسب إليه ذلك من السلف إلا وقد ثبت عنه أقوال متعددة في إثبات المعنى على الوجه اللائق بكمال الله وجلاله.
قال العلامة محمد خليل هراس رحمه الله عن التفويض: "ومن الخطأ القول بأن هذا هو مذهب السلف كما نسب ذلك إليهم المتأخرون من الأشاعرة وغيرهم، فإن السلف لم يكونوا يفوضون في علم المعنى، ولا كانوا يقرأون كلاماً لا يفهمون معناه، بل كانوا يفهمون معاني النصوص مكن الكتاب والسنة، ويثبتونها لله عز
__________
(1) - راجع: تحفة الإخوان في صفات الرحمن. إعداد: محمد بن عبد العليم. مراجعة رئاسة إدارات البحوث العلمية والدعوة والإرشاد بالسعودية.
(2) - أي نفي لمعنى الذي ابتكره المعطلة من الجهمية وغيرهم وحرفوا به نصوص الكتاب والسنة عن ظاهرها إلى معان تخالفه. راجع في ذلك: مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم: ص124. رسالة الإكليل لابن تيمية من الفتاوى الكبرى جـ2/ص22 - 23.فتح رب البرية بتلخيص الحمويةلابن عثيمين رحمه الله ص63.

الصفحة 175