كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

وجل، ثم يفوضون فيما وراء ذلك من كنه الصفات أو كيفياتها، كما قال مالك حين سئل عن كيفية استوائه تعالى على العرش: "الاستواء معلوم والكيف مجهول". ا. هـ.
وقال في بيان مذهب السلف في إثبات الصفات: "وقد يعبرون عن ذلك بقولهم تمر كما جاءت بلا تأويل، ومن لم يفهم كلامهم ظن أن غرضهم بهذه العبارة هو قراءة اللفظ دون التعرض للمعنى وهذا باطل، فإن المراد بالتأويل المنفي هنا هو حقيقة المعنى وكنهه وكيفيته"ا. هـ.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: "المتأخرون من أهل النظر قالوا مقالة مولدة مما علمت أحداً سبقهم به، قالوا: هذه الصفات تمر كما جاءت ولا تؤول مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد. فتفرع من هذا أن الظاهر يعني به أمران:
أحدهما: أنه لا تأويل لها غير دلالة الخطاب كما قال السلف الصالح: الاستواء معلوم، وكما قال سفيان وغيره: قراءتها تفسيرها. يعني أنها بينة واضحة في اللغة لا يبتغي بها مضايق التأويل والتحريف. وهذا هو مذهب السلف مع اتفاقهم أيضاً أنها لا تشبه صفات المخلوقين بوجه.
الثاني: أن ظاهرها هو الذي يتشكل في الخيال من الصفة كما يتشكل في الذهن من وصف البشر فهذا غير مراد فإن الله تعالى فرد صمد ليس له نظير وإن تعددت صفاته فإنها حق. ولكن ما لها مثل ولا نظير" ا. هـ. (1)
قال صاحب المعارج: "هذا التصور الفاسد هو الذي يحمل جهلة النفاة على ما صنعوا من النفي حين لم يفهموا من ظاهرها إلا ما يقوم بالمخلوق ولم يتدبروا من هو الموصوف فأساءوا الظن بالوحي ثم قاسوا وشبهوا بعد أن فكروا وقدروا ثم نفوا وعطلوا" (2) .
__________
(1) - معارج القبول للشيخ حافظ بن أحمد حكمي الجزء الأول ط. دار الفتح الإسلامي بالإسكندرية نقلاً عن الذهبي: ص331 - 332.
(2) - المصدر السابق: ص332.ومن الخطأ الشنيع تحكيم العقل في أمور الإلهيات والغيبيات، فإن هذا الاجتهاد لا يقبل في العقيدة ولا يدندن به حولها إن مثل هذا الاجتهاد في العقيدة يسوق أصحابه كما هو مشاهد وواقع إلى الكفر الصراح والشطح البعيد.

الصفحة 176