كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

أخطائهم العقائدية وبذلك يندس فيهم المشركون والذين يدعون غير الله، ويندس فيهم أيضاً أهل الأهواء من طلاب الرياسات والزعامات، لأنهم يرون أن طريقهم موصل لذلك، ويسكتون عن كثير من البدع العقائدية والخرافات حتى لا ينفروا الناس من دعوتهم في زعمهم، ويخترعون لهذا ما يسمونه (بمصلحة الدعوة) فيحلون كثيراً من المحرمات، ويحرمون كثيراً من الطاعات، وقد يكون هذا في مصلحتهم كحزب يسعى إلى الحكم والرياسة، ولكنه ليس أصل الدين ومنطلقه، ولذلك نص الذين ينتهجون هذا النهج في الدعوة (إصلاح الحكم والسياسة أولاً).
وشتان أن يكون هدف الدعوة هو التوحيد، وأن يكون هدف الدعوة هو الرياسة والزعامة فليس هذا بلباس الإسلام، والدعوة السلفية تسعى فيما تسعى إليه إلى إصلاح السياسة والحكم، ولكنها تنزل ذلك منزلته من أوامر الدين من حيث الأهمية والأولوية، وتسعى إليه بالقدر السليم الصحيح الذي يتناسب مع القائمين بالدعوة وجهودهم.
وكذلك الشأن في كل دعوة اتخذت جزئية من جزئيات الإسلام مراداً ومنطلقاً وغاية لها كالدعوات إلى الإصلاح الاجتماعي من محاربة شرب الخمر والاختلاط وأندية الفسوق والفجور ونحو ذلك، وكذلك دعوات البر والإحسان والعطف على الفقراء واليتامى، هذه الجمعيات والدعوات مشكلتها أنها تتوقف عند جزئية من جزئيات الدين فلا تصل إلا إلى أقل القليل من النتائج، وقد يبقى أفرادها في دوائر ضيقة من العلم والعمل، ثم يتفرقون ويتمزقون، بل قد يجتمع معهم أهل النيات الفاسدة ومحبي الظهور والمدح، وهذه الأمور من جزئيات الإسلام وإن كانت مطلوبة مرادة، إلا أنها يجب أن تبقى في الإطار العام من دعوة الإسلام الشاملة العامة، وأن تكون أجزاء في تكون أجزاء في هيكل التوحيد وإخلاص الدين لله سبحانه وتعالى.
ولذلك كان المنطلق السلفي في إخلاص الدين لله أولاً وتحقيق التوحيد، ثم إنزال جميع تكاليف الإسلام منازلها بعد ذلك من إصلاح الحكم والسياسة

الصفحة 179