كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

الأخوة الإيمانية ومعالجة أسباب الفرقة
جعل الإسلام بين المسلمين رابطة قوية من الأخوة الإيمانية. قال تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} (الحجرات: 10). وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
والحق أن الإسلام لم ينتشر إلا بهذه الأخوة العجيبة التي ربطت بين الصحابة - رضي الله عنهم - عليهم في صدر الإسلام فلولا إيواء الأنصار لإخوانهم المهاجرين، وحب المهاجرين وعفتهم مع إخوانهم الأنصار لما كانت هذه الفتوح العظيمة وهذا الانتشار السريع للإسلام شرقاً وغرباً. ولذلك كان من أعظم البلاء على أمة الإسلام ما وقع بينهم من فرقة وخلاف وشقاق جعل السيف بينهم بعد أن كان على أعدائهم.
ومن أهم أسباب التنازع والفرقة بين المسلمين: الاختلاف في العقائد ومسائل الإيمان. وقد بدأ الخلاف يسيراً في مسائل قليلة كالحكم على مرتكب الكبيرة الذي مات ولم يتب منها أكافر هو أم مسلم؟ وهل يجب قتاله أم لا؟ وفي سبيل ذلك نشأت بدعة الخوارج ثم المعتزلة، ثم بدأ الخلاف حول صفات الله سبحانه وتعالى وأسمائه، ثم توسع الخلاف العقائدي ليشمل مسائل كثيرة ويمزق المسلمين إلى نحل وعقائد شتى.
واختلاف العقائد بالطبع يؤدي إلى اختلاف القلوب والأعمال.
والدعاة السلفيون من الصدر الأول دعوا الناس إلى التمسك في أمور العقائد بالكتاب والسنة، وترك التأويل بالباطل والهوى والتعصب، وكان لدعوتهم من البركة أن بقى جمهور المسلمين وعامتهم على سنن الحق متمسكين في عقائدهم بالكتاب والسنة، والدعاة السلفيون في هذا العصر السائرون على منهج السلف الأول في دعوتهم وجهادهم يدعون الأمة كذلك إلى أخذ عقائدها من الكتاب والسنة فقط، ونبذ جميع البدع العقائدية والاجتهادات والتصورات الغيبية التي جاء بها المشعوذون والدجالون والمتكلمون على الله بلا علم. وذلك لجمع شمل الأمة على كلمة سواء فيكون إيمانهم واحداً. وبذلك تكون قلوبهم واحدة.

الصفحة 183