كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

جماعات الدعوة هل هي من الفرق النارية؟
يتوهم البعض أن الدعوات المعاصرة الموجودة على الساحة من جملة الفرق النارية الضالة، وأن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة) . رواه أبو داود وصححه الألباني. وفي رواية الترمذي: (قالوا من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي) ينطبق على هذه الدعوات، وهذا خطأ، فالدعوات المعاصرة متفاوتة فيما بينها قرباً وبعداً من مثل ما كان عليه رسول الله وصحابته الكرام ولذلك فلا يجوز التعميم.
وقد بين الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام) ضابط الحكم على تجمع معين أنه من الفرق الضالة فقال: "وذلك أن هذه الفرق إنما تعد فرقاً بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين، وقاعدة من قواعد الشريعة، لا في جزئي من الجزئيات، إذ الجزئي والفرعي الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعاً، وإنما ينشأ التفرق عند وقع المخالفة في الأمور الكلية". إلى قوله: "ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات، فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة" الاعتصام جـ2/200". (1)
وعلى ذلك: فمن جماعات الدعوة والعمل في الحقل الإسلامي من هم من أهل البدع والضلالة لكونهم على بدعة مخالفة للسنة ويدعون إليها، ومنهم من يجمع بين السنة والبدعة، ومنهم من ينتسب إلى أهل السنة والجماعة بحسب تمسكه بما عليه أهل السنة والجماعة.
هناك فارق بين أهل السنة وأهل القبلة، فليس كل من انتسب للقبلة يكون من أهل السنة، بل قد يكون من أهل البدع والأهواء كحالة الخوارج الذين لم يكفرهم علي - رضي الله عنه - ولا جمهور الصحابة.
وفي شرح الطحاوية ص286: "ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - معترفين وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين".
__________
(1) - نقلاً عن "الضوابط الشرعية لتحقيق الأخوة الإيمانية والوحدة الإسلامية" للشيخ سعيد عبد العظيم حفظه الله. ط. دار الإيمان. الإسكندرية ص167.

الصفحة 187