كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

رفض النظرة الجزئية للدين
لقد أثرت النظرات الجزئية التي اصطنعها المسلمون في العصور المتأخرة في نقص الفهم الصحيح للإسلام وعدم كمال العمل به.
لقد عرف الأوائل النظرة الصحيحة الشاملة لكل جوانب الإسلام المتعددة وكونوا منها صدر الإسلام وحدة متماسكة مترابطة لا تنفصل. ثم جاء المتأخرون فعزلوا بعض جوانب الدين عن بعض.
فالجانب الاعتقادي تولاه المتكلمون.
والمعاملات والعبادات تولاها الفقهاء.
والأخلاقيات والسلوكيات تولاها المتصوفون.
وغالت كل فئة في الجانب الذي تصورته، وانعزل كل فريق بالجانب الذي اعتنى بدراسته، فضاع العمل بالإسلام ككل، وضاع بذلك الارتباط الحيوي والتأثير المتبادل بين جوانب الإسلام المتعددة. مما أدى إلى تشتيت العقلية والنفسية المسلمة.
ومع جنوح كل طائفة إلى الغلو في منهجها في الجانب الذي تعاملت معه انحرفت بفهمها عن الفهم الصحيح للإسلام في الجانب الذي تمسكت به.
والمحصلة النهائية كانت الجهل بالإسلام الحقيقي والفهم الخاطئ لجوانبه. وكذلك الشأن في جماعات الدعوة، إذ إن كل جماعة تبنت جزئية من الإسلام، أو مجموعة أجزاء منه، لتكون منطلقاً وغاية لها، على حساب إهمال جزئيات أخر.
فبعض الدعوات اتخذت جانب الإصلاح الاجتماعي بمحاربة مظاهر الفسق والفجور والفحش وسوء الأخلاق ونحو ذلك.
وهناك دعوات للبر والإحسان والعطف على الفقراء والمساكين ورعاية اليتامى والأرامل.
وهناك جماعات اتخذت الجانب السياسي وشؤون الحكم لإصلاح ما فسد من أحوال الحكام والحكومات.

الصفحة 193