كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

وقال أيضاً: "وقيل: الخطاب للمسلمين الخلص، والمراد من (السلم) : شعب الإسلام، و (كافة) : حال منه، والمعنى: (ادخلوا) أيها المسلمون والمؤمنون بمحمد - صلى الله عليه وسلم - في شعب الإيمان كلها، ولا تخلوا بشيء من أحكامه"ا. هـ.
قال المودودي رحمه الله في (تذكرة دعاة الإسلام) في تفسير الآية:
"أي بمجموع حياتكم، بحيث لا يشذ عن سلطانه شيء ولا يند عن دائرة نفوذه جزء من أجزائها، فلا يكن من شأنكم في ناحية من نواحي حياتكم أن تتجردوا من عبوديته الشاملة فتحسبوا أنفسكم أحراراً في شؤونكم تختارون من المناهج والأوضاع ما تريدون أو تتبعون من النظم والقوانين الوضعية المستحدثة ما تحبون"ا. هـ.
والشمولية ليست كلمة تقال، ولا ادعاء يزعم، ولكنها حقيقة واقعة عند التطبيق والأداء، فكم من جماعة تدعي الشمولية، وأعمالها تخالف هذا الادعاء، بما تقوم به من أعمال تنافي الشمولية في الإسلام.
ومما ينافي الشمولية في الإسلام
تقسيم الدين إلى قشور ولباب:
وهذا تقسيم محدث في فهم الكتاب والسنة والعمل بهما، لا يعرف عن سلفنا الصالح، لا قاله أحد، ولا عمل به أحد. وبمقتضى هذا التقسيم المبتدع تكون هناك أعمال من الدين هي من لبابه فينبغي الاعتناء بها والقيام بأدائها، وأعمال هي من القشور لا تعطى هذه الأهمية وهذا الاعتناء، فيفرق بين هذا وذاك، ويهتم بهذا دون ذاك.
أما المقياس في ذلك والذي به تقسم أعمال الدين بين قشور ولباب فهو مقياس متغير ليس بثابت، وإن شئت قلت: هو بالأهواء والميل، فقد تعد الواجبات الدينية لباباً، وسنن النبي - صلى الله عليه وسلم - القولية والعملية هي القشور!! (1) وقد يفرق بين الواجبات الدينية نفسها فيقدم بعضها على أنه اللباب ويقدم الآخر بصفته قشورا!!.
__________
(1) - ومعلوم أن أداء المندوبات وترك المكروهات تشغل جزءاً كبيراً من أحكام الدين، في العبادات والمعاملات والأخلاق والسلوكيات ولا يكمل إيمان العبد إلا بامتثالها.

الصفحة 195