كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

بل وقد يمتد التقسيم إلى قضايا التوحيد فيهمل بعضها ويترك، فلا إلحاح في العمل به، ولا دعوة إليه، إذا لم يقبل عليه الناس اعتقاداً وعملاً، أو خالفوه عباده وأفعالاً، فيصير التهاون في شأنه مطلوباً لتأليف القلوب (مثلا) ولمنع (صدم مشاعرهم) بذلك الآن، ولمنع (التنافر) و (الاختلاف) بسببها، فتجعل قشوراً، وجمع الناس على ما اعتادوه وأحبوه وألفوه لباباً.
ومثل ذلك مع الكثير من البدع، فيهمل شأنها، تارة بأن الائتلاف في وجودها خير من الاختلاف في التحذير منها، أو أن هناك بدعاً إضافية وأخرى حقيقية وبدعاً جزئية وبدعاً كلية، فالأولى تعد قشوراً يمكن إهمالها والثانية لباباً يمكن الخوض فيها على وجه النصح والإرشاد!!.
وكثير من الجهال يتمسحون بهذه البدعة (بدعة التقسيم) لترويج العمل بالمعاصي لدى المستهترين، فلا يهتمون ببعض أعمال الدين وبعض شرائعه الظاهرة التي يسمونها (شكليات) أو (قشوراً) ويدندنون فقط حول العمل والتمسك (باللباب) ، ومن ثم إهمال الظاهر احتجاجاً بصلاح الباطن. ولسان حالهم أنهم (يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض) .
ومن هذا القبيل: تقسيم الدين إلى أصول وفروع (1) ، ثم التسامح في الفروع، بدعوى الاكتفاء بالاتفاق على الأصول، لذا يتساهلون في كل قضية يرونها (فرعية) بزعم الحرص على جمع الأمة ومنع وقوع التفرق فيها!!!.
وفي ثنايا ذلك كله تجد الكثير منهم يتبعون الرخص دون تحري، ويأخذون بزلات العلماء وأقوالهم المرجوحة (2) ، بدعوى (من قلد عالماً خرج سالماً) .
وأخطر ما في التساهل أن ينسحب بلا قيد على كثير من أحكام الشريعة التي لا توافق الأهواء، بحيث لا يبقى بعد ذلك مجال للدعوة إلى اجتناب المحارم
__________
(1) - تقسيم الدين إلى أصول وفروع ليس من فعل السلف أيضاً، ولكن من قال بذلك من العلماء أرادوا التفريق النظري بين مسائل الأصول في العقيدة والتوحيد وبين مسائل الفروع في العبادات والمعاملات والأخلاقيات والسلوكيات. انظر التعليق السابق في التقسيم الشرعي والاصطلاحي.
(2) - وقد تسبب تقسيم الدين إلى قشور ولباب إلى ترك تحري الحق في مسائل الخلاف بين العلماء ومنها مسائل اختلفوا فيها هل هي حرام أم حلال. فجاء هؤلاء وتركوها بالكلية حفاظاً على الوقت والجهد يضيع في معرفة حكم الله!! وتيسيراً على الناس!!! ولأنها أولاً وأخيراً من القشور!!.

الصفحة 196