كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

إن مشاكل المسلمين اليوم والخطر الذي يحدق بهم يفرض علينا أن تتجه هممنا إلى مواجهتها الأولوية، ولا ينبغي تضييع الوقت في الدعوة إلى شكليات وفرعيات.
والجواب:
يقول الشيخ محمد بن إسماعيل حفظه الله (1) :
إن ترك الواجب الشرعي مخافة الفتنة الظنية هو في حد ذاته فتنة: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا} (التوبة: 49) .
ولا تكون الفتنة حادثة بسبب التناصح بين المؤمنين بالتي هي أحسن، وإنما تحدث من الجدل والعناء مع وضوح الحق وبيان الحجة.
إن ما ذكرتموه من اضطهاد المسلمين وضعفهم وتآمر أعدائهم...إلخ، كل هذا حق، ولكنكم أُتيتم من خلطكم الأمور، فكلامكم قد يكون حقاً إذا سلمنا لكم أن التمسك بالفرعيات يتعارض مع مواجهة تآمر الفرعية لا يتعارض مع جهاد الأعداء إذ كان الهدف هو حقاً بيان الحق مع البعد عن الجدل العقيم.
وقد واجه الرعيل الأول أخطاراً تهدد كيانهم، ولم يحملهم ذلك على نرك الفرعيات وتقرير الحق فيها وإلزام أنفسهم باللازم منها (2) ، ومع ذلك سادوا الأمم، وأسقطوا عروش الكفرة وأقاموا صرح الإيمان شامخاً. والذي يفت في عضد المسلمين هو من يجادل في الحق بعد ما تبين (3) ، ويصر على عدم الانقياد له، ويثير الجدال بشبهات سقيمة، وليس من يدعوهم إلى التمسك بالكتاب والسنة،
__________
(1) انظر رسالة: (تبصير أولي الألباب ببدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب) من كتاب (ادلة تحريم حلق اللحية) للشيخ محمد بن إسماعيل ط. دار الفرقان ط. السابعة: ص109 - 132
(2) - واجه الرعيل الأول خطر المرتدين ومدعي النبوة، ثم قتال فارس والروم، ومع ذلك لم يتوانوا عن نشر الخلاف المعتبر، والإنكار على المخالف في مسائل الخلاف غير المعتبر. فينبغي السير على ما كانوا عليه والتأسي بهم إذ إن ذلك فيه ظهور الإسلام، ولا يعارض – كما ترى – الجهاد في سبيل الله والتصدي لمؤامرات أعداء الإسلام.
(3) - بمخالفة ما ثبت دليله من الكتاب والسنة.

الصفحة 198