كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

والدولة المسلمة ما هي إلا ثمرة لتمسك جنود الإسلام بكل شرائع دينهم، والدعوة الإسلامية الأمينة على الإسلام لا تساوم على شيء من أحكامه، ولكنها تحفظها كلها أداءاً للأمانة وإعذاراً لنفسها أمام الله تبارك وتعالى.
ولا شك أن إنكار المنكرات المتعلقة بالنفس - مع فقدان المانع من تغييرها - من أيسر الأمور، فإذا تساهلنا في هذا مختارين فكيف ننكر على غيرنا؟ وقد أخبرنا الله عز وجل أن مصدر الخيرية لهذه الأمة هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} (آل عمران: 110) ، وأخبر أن من أسباب ضعف المجتمع ترك التناهي عن المنكرات والأمر بالمعروف فقال تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون () كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} (المائدة: 78 - 79) . وتوعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصيبنا ما أصابهم إذا فعلنا مثل فعلهم، وقد عاقب الله من ضيع حظاً من شريعته في قوله تعالى: {فنسوا حظاً مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} (المائدة: 14) . ودلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المخرج من فتنة الافتراق. بقوله: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) .
فالمسلمون إذا نزلت بهم مخمصة وشدة فإن من أسباب جلاء الغمة عنهم المزيد من التمسك بالسنن والبراءة من البدع وليس مهادنة أهل البدع وتثبيط الدعاة إلى السنن (1) .
__________
(1) - أدلة تحريم حلق اللحية: ص124 – 128 للشيخ محمد بن إسماعيل.

الصفحة 201