كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

تعريف البدعة وبيانه
البدعة: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه.
الطريقة: ما رسم للسلوك عليه.
الدين: ما شرعه الله تعالى على لسان رسوله. . . من العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاقيات.
وقيدت الطريقة بالدين: احترازاً عما يخترع في الدنيا فإنه لا يسمى بدعة.
ومعنى مخترعة: أنها لم يكن لها أصل في الشريعة، وبهذا القيد انفصلت عن كل ما ظهر لبادئ الرأي أنه مخترع مما هو متعلق بالدين كالنحو وأصول الفقه وسائر العلوم الخادمة للشريعة فإنها وإن لم توجد في الزمان الأول فلها أصل في الدين فلا تسمى بدعة.
تضاهي الشريعة: أي أنها تشابه الطريقة الشرعية من غير أن تكون في الحقيقة كذلك كتخصيص يوم النصف من شعبان بصيام، أو ليلته بقيام، فإنه طريقة في الدين مخترعة تضاهي تخصيص الشرع أياماً وليالي بأعيانها دون غيرها بصيام أو قيام كصوم يوم عاشوراء والأيام الأولى من ذي الحجة وكقيام ليلة القدر والعشر الأواخر من رمضان. فإن صاحب البدعة إنما يخترعها ليضاهي بها السنة حتى يكون ملبساً بها على غيره، أو تكون هي مما تلتبس عليه بالسنة. إذ إن الإنسان لا يقصد الاستتباع بأمر لا يشابه المشروع لأنه إذا كان كذلك لا يستجلب بابتداعه نفعاً ولا يدفع ضرراً ولا يجيبه غيره إليه. ولذا ترى المبتدع ينتصر لبدعته بأمور توهم موافقة التشريع ولو بدعوى الاقتداء بفلان المعروف مقامه في أهل الكمال.
فلابد في حد البدعة من اعتبار مضاهاة الأمور المشروعة، إن يكون إحداثها على أنه دين وشرع بحيث يكون المحدث لها مضاهياً ونظيراً للشرع في وضع التشريع.
يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى: هذا تمام معنى البدعة إذ هو المقصود بتشريعها، وذلك أن أصل الدخول فيها يحث على الانقطاع للعبادة

الصفحة 209