كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

لذا قال الإمام مالك رحمه الله: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة، لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} .
2- أن المبتدع معاند للشرع مخالف له:
لأن الشرع عين الطرق التي يتعين على العبد إتيانها، فالشر كل الشر في تعديها إلى غيرها، لأن الله تعالى يعلم ونحن لا نعلم، والمبتدع يزعم أنه يعلم طرقاً أخرى، وأن ليس كل ما حصره الشرع بمحصور، وليس كل ما عينه الشرع بمتعين، كأن المبتدع يعلم كما أن الشارع يعلم، بل ربما يفهم من استدراكه على الشارع أنه يعلم أكثر مما لا يعلم الشارع!!
3- أن الابتداع اتباع للهوى:
لأن العقل إن لم يكن متبعاً للشرع لم يبق له إلا اتباع الهوى والشهوة، واتباع الهوى ضلال مبين. قال تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} (ص: 26) . وقال تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه} (الكهف: 28) فالأمر محصور بين اتباع الذكر أو اتباع الهوى. وقال تعالى: {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين} (القصص: 50) . فمن لم يتبع هدى الله الذي جاء به رسوله - صلى الله عليه وسلم - فلا أحد أضل منه. وهذا شأن المبتدع والعياذ بالله، فإنه اتبع هواه بغير هدى من الله – وهدى الله ما بينته الشريعة – فهو أضل الناس وهو يظن أنه على هدى.
4- البدعة أشد خطراً من المعصية:
فالابتداع ضلال، والضلال ضد الهدى. فالضال التبس عليه الأمر فلم يكن له هاد يهديه. والمعصية خطيئة ولا يقال للمخطئ ضال.
قال ابن القيم في الجواب الكافي: "ومعلوم أن الذنب إنما ضرره على نفسه وأما المبتدع فضرره على النوع، وفتنة المبتدع في أصل الدين وفتنة المذنب في الشهوة، والمبتدع قد قعد للناس على صراط الله المستقيم يصدهم عنه والمذنب ليس كذلك. والمبتدع مناقض لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - والعاصي ليس كذلك. والمبتدع يقطع على الناس طريق الآخرة والعاصي بطيء السير بسبب ذنوبه"ا. هـ.

الصفحة 212