كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

روى الدارمي بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود أنه سمع بقوم جلسوا حلقاً في المسجد يسبحون بحصى في أيديهم، في وسط كل حلقة رجل يقول لهم: سبحوا كذا وكبروا كذا، فذهب إليهم وقال لهم: "ما هذا الذي أراكم تصنعون؟
قالوا: يا أبا عبد الله حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح.
قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد هؤلاء صحابة نبيكم متوافرون. وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة.
قالوا والله يا أبا عبد الله ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم. وايم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم. يقول الراوي: رأيت عامة أولئك الخلق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج".
أي كانوا يقاتلون في صف الخوارج ضد الصحابة - رضي الله عنهم -.
أقسام البدعة:
تنقسم البدع إلى أنواع عديدة بحسب مخافتها للشرع، من جهة كونها تتعلق بالعقائد أو بالأحكام، وبحسب ارتباطها بأزمنة معينة أو بحسب ما يتدرج تحتها من مخالفات للشرع.
بدع فعلية وبدع تَركيَّة:
فقد تكون البدع بترك ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بزعم التقرب به إلى الله تعالى: كترك كثير من المتصوفة تناول الطيبات من الرزق تنسكاً، وتعذيب النفس وحرمانها من الحلال تعبداً لله.
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} (المائدة: 87) .
ففي الآية: نهى عن تحريم ما أحل الله، وإشعار بأن ذلك اعتداء لا يحبه الله.
وفي الحديث: أن بعض الصحابة أرادوا أن يحرموا على أنفسهم أنواعًا من الحلال، فحرم بعضهم على نفسه نوم الليل، وحرم الآخر الأكل بالنهار، وآخر أكل اللحم وآخر إتيان النساء. فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (ما بال أقوام يقول أحدهم

الصفحة 214