كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

منه، بل يرى أن كل ما يعمله حسن، ولا توبة لمن له يعرف لنفسه ذنباً. إلا أن يهديه الله بأن يسر له من يبين له الحق ويوفقه لترك البدعة. (1)
والسلفيون لا يتبرمون من إيضاح سنة مهملة ولا بيان واجب متروك، لأن كل السنن والواجبات تلتقي مع بعضها البعض مكونة الصورة الكاملة النقية للإسلام، ووجودها في الواقع العملي يجعل شخصية المسلمين واضحة جلية مميزة تنتقل من جيل إلى جيل إلى قيام الساعة.
وأصحاب المناهج الأخرى يهتمون بقضايا بعينها من الدين ويهملون سائره، بل ويضيقون ببيانه لهم وحثهم عليه. وما هذا إلا لجهلهم بحقيقة الدين، وذلك أن ترك نصيب وحظ وقسم مما أمر الله به يورث العداوة والبغضاء، كما قال تعالى: {ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} (المائدة: 14) . وهكذا عاب الله على اليهود إيمانهم ببعض آيات الكتاب وكفرهم ببعض (2) ، وما كان كفرهم إلا تركهم العمل به. وهكذا يخل بالمسلمين إن هم نسوا بعض ما وعظهم الله به وذكرهم، وبعض ما أوجبه عليهم رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ولذلك فالدعوة السلفية دعوة شمولية لأركان الإسلام ومناهجه جميعاً. {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} (البقرة: 208) . فالعمل بجزء من الشريعة وترك جزء آخر من اتباع خطوات الشيطان، الذي يسوِّغ لبعض العاملين في الحقل الإسلامي ترك الواجبات، وفعل كثير من المحرمات بدواعي المصلحة المزعومة للدعوة.
والخلاصة: أن إقامة الحجة تكون بالبيان الدائم لأصول الإسلام وفروعه هذا الباب لا يترك في الحق لبسًا حتى ينقطع العذر، لا يكون لأحد العدول عن فعل الواجب وترك الحرام.
__________
(1) - يراجع في ذلك: الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ رحمه الله والضوابط الشرعية: ص68 – 69
(2) - كما قال تعالى: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا} (البقرة: 85) .

الصفحة 218