والتابعين، وأما غير ذلك فالكلام فيه غير محمود" (1) . وتقدم إلى المعركة العقائدية وسلاحه عقيدة راسخة كان لها أبعد الأثر في فشل خصومه وإعلاء شأن السنة، فاقترن اسم ابن حنبل (*) بالبدع كخصم عنيد لها وأصبح علماً على التمسك بمنهج السلف فقيل عنه (2) : "بموت أحمد بن حنبل تظهر البدع". (3)
خامسا: ظهور مصطلح السلفية
(ظهر الاختلاف بين أهل الحديث الذين تمسكوا بالنقل وبين المعتزلة الذين أقروا الجدل واعتمدوا على العقل واستبعدوا النقل (فتركوا الحديث وتحاملوا على المحدثين وكذبوهم وأولوا المتشابه من آي القرآن الكريم تأويلاً لم يقرهم أهل السنة عليه (4) ". (5)
ظل أهل الحديث من بعد الإمام أحمد على المنهج الشرعي المميز لهم، إلى أن ظهر (أبو الحسن الأشعري) الذي استخدم المنهج الكلامي في الدفاع عن عقائد أهل السنة والجماعة في مواجهة المعتزلة.
وتابع الأشعري في ذلك شيوخ آخرون (6) ، بدعوى نصرة عقائد أهل السنة بمنهج المعتزلة أي باستعمال علم الكلام واعتبروا علم الكلام من العلوم الشرعية إذا أريد به موافقة الكتاب والسنة. فإن يوافق الكتاب والسنة فليس بكلام شرعي ككلام أهل الاعتزال وأمثاله.
______________
(1) - راجع ترجمة الإمام احمد للحافظ الذهبي: ص23.
(*) الإمام أحمد بن حنبل: إمام أهل السنة والجماعة، شيخ الحديث والسنة على المحنة، أبو عبد الله الشيباني، عرف بالإمامة في الحديث والفقه، مع الورع والتقوى والصلاح والزهد والعبادة، توفي في بغداد سنة 241 هـ الموافق 855 م. يقول ابن تيمية رحمه الله: "وأحمد بن حنبل وإن كان أشهر بإمامة السنة والصبر في المحنة، فليس ذلك لأنه انفرد بقول أو ابتدع قولاً، بل لأنه السنة التي كانت موجودة معروفة قبله، علمها ودعا إليها وصبر على من امتحنه ليفارقها" نقلا من السلفية وقضايا العصر ص21
(2) - حلية الأولياء لأبي نعيم: جـ 6 / ص 168.
(3) - نظام الخلافة: ص 245
(4) - المعتزلة لزهدي جار الله: ص 253
(5) - نظام الخلافة: ص 383
(6) - منهم أبو بكر الباقلاني وعبد القاهر البغدادي وأبو المعالي الجويني وأبو حامد الغزالي ومحمد بن تومرت وفخر الدين الرازي والريجي وغيرهم من الأشاعرة.