كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

غافلاً عنها، غير قادر على إدراك المحيط الذي تستعمل فيه هذه الوسائل. (1) ومن ثم ظهرت كلمة السلفيين مقرونة بتبغيضها إلى العامة، وتصويرها منكرة تكرهها النفوس لأنها تشق عليها. (2)
فصار لفظ السلفيين يستعمل"للدلالة على التأخر والتشدد والتخلف" (3) وبعد قليل رأينا لفظ الرجعيين يحل محل السلفيين فجأة،"وهو لفظ سهل على لسان العامة وغير العامة، وإذ بنا نراه مستعملاً على ألسنة ضرب من الكتاب (4) ، وعلى ألسنة أصحاب الصحف (5) ، ثم لم نلبث إلا قليلاً حتى رأينا هذا اللفظ ينتقل للدلالة على الحياة الإسلامية كلها، واشتق له مصدر هو (الرجعية) يستعمله الكتاب إذا أرادوا التورية عن الإسلام تهرباً من أن تنالهم تهمة الطعن في دين الدولة (6) . وبهذا التمويه القبيح يريد أمثال هؤلاء التالفين أن يشفوا غل صدورهم ببذاءة مغلفة في لفظ مبهم" (7) .
وينبغي أن نراعي أن للإسلام تفسيره لمعنى (التقدم) الذي يخالف المعنى الشائع للتقدم بين الناس الآن. فالإسلام يعامل الإنسان ككيان متكامل لا بفصل في النظرة إليه بين جانبه المادي وجانبه الروحي، ولهذا فيجب التمييز بين التقدم في أبحاث العلوم التجريبية، واستخدام نتائجها لتحسين الحياة الإنسانية، وبين الهبوط الروحي الذي وصلت إليه الحضارة الأوروبية الحديثة. فالتقدم في الإسلام تقدم أخلاقي مع الأخذ بأسباب العمران المادي في نواحي الحياة كلها.
ولو نظرنا إلى أحداث التاريخ القديم والمعاصر لرأينا الآثار المدمرة للاستعمار الغربي الأوروبي لنا والتي عرضت شعوبنا لصنوف الهوان والقهر. وما معاناة الشعب الفلسطيني الآن إلا نموذج مصغر لتصرفات الغرب المتحضر على أرض فلسطين.
فدائماً هناك فارق هائل بين مبادئ تعامل الغرب (المتحضر) مع بعضهم البعض، وبين قسوتهم في التعامل مع الشعوب المقهورة. فأين التقدم الذي يدعونه عند التعامل معنا؟! (8)
هذا من جهة: ومن جهة أخرى فإن كلمة (القديم) تعني في تاريخ أوروبا العصور المظلمة في القرون الوسطى السابقة لعصر النهضة. فرفض أوروبا لتاريخها القديم ينبع من رغبتها في ترك الماضي الذي كان سبباً لتخلفها فهذا الرفض يلائم نهضتها الحالية. (9)
__________
(1 - 7) - أباطيل وأسمار للشيخ محمود محمد شاكر: ص506 - 508
(8 , 9) - قواعد المنهج السلفي بتصرف: ص268.

الصفحة 222