كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

ولكن العكس بالنسبة لأمتنا تماماً. فإن تاريخنا يعبر عن تقدم حضاري في كل المجالات، ونحن إذا طالبنا (بالترقي) إلى مستوى السلف، فإننا نعنى بذلك اتخاذ المفهوم الشامل للعقيدة الإسلامية وتحكيم شريعتها، والأخذ بالتقدم العلمي أحد ألوان النشاط الإنساني، وقد حقق فيه المسلمون - فيما مضى - ألواناً زاهية من الحضارة عندما اتخذوا من الإسلام عقيدة ومنهاجاً فالإسلام يحض على العلم ويرفع من شأن العلماء. (1)
وليس معنى ذلك وضع الأمة الإسلامية في متحف للتاريخ بإرجاعها إلى الأخذ بوسائل العصور السابقة في حياتها العلمية فمثل ذلك لا يقول به عاقل. ولكن المراد أن المفهوم الإسلامي للحضارة أرقى بكثير من التصور الغربي، فلا نحن نرضى بتخلف المسلمين الحالي وبعدهم عن تحقيق النموذج الإسلامي المطلوب، ولا نحن نرضى في الوقت نفسه بتقليد الغرب المادي الملحد في فلسفته ومضامينه الفكرية الشاملة.
ولا نكون مبالغين إن قلنا إن هذا التقدم الذي يعيشه العالم المتحضر الآن ما هو إلا جزء من التصور الحضاري للإسلام. (2)
إن نبذ السلفية بحجة التسابق مع الزمن، واللحاق بكل ما هو جديد منهج خاطئ قائم على مفاهيم غربية متصلة بفلسفتها، فإن ما نراه جديداً اليوم سيصبح غداً وحتماً قديماً.
فليست الموازنة إذاً بين قديم وجديد موازنة صحيحة، ولكن ينبغي أن تتم بالمقارنة بين الحق والباطل أياً كان العصر والزمن لأن القيم لا تتغير ولا تتبدل. (3)
فإذا كان الذين يقلدون الغرب وينادون باتباع الحضارة الغربية والأخذ بها على علاتها وبما فيها من أزمات متعددة بدعوى التقدم والمدنية، ويقبلون هذه الحضارة المادية على أزماتها ومشاكلها - بدعوى أن هذه العلات نتيجة لطموحات هذه الحضارة، وأنها دائما تسعى للتحسين والرقي ولكن لابد من شوائب وأخطاء- فإن السلفيين يرفضون هذا التقليد الأعمى للحضارة الغربية باسم التقدم والمدنية.
_____________
(1 - 3) - قواعد المنهج السلفي بتصرف ص269 وص270-271.

الصفحة 223