كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

إن الارتباط بالعقيدة الإسلامية الصحيحة يعني نبذ النموذج الحضاري الحالي للحضارة الغربية، ولا يعني ذلك نبذ التقدم العلمي للغرب، فإن هناك فارقاً بين الأخذ بالنتائج العلمية للحضارة الغربية وبين الأخذ بمقومات الحضارة الغربية وتصوراتها العقائدية ونظرياتها الفلسفية في الحياة، فإنه لا وطن للعلم، ولا جنسية للأبحاث والاكتشافات، وإنما هي نتاج جهود البشرية على اختلاف جنسياتها وأوطانها، ونحن المسلمين قد ساهمنا في التقدم العلمي للبشرية كلها في أيام سابقة بجهود عظيمة لا تنكر. (1)
إن مشكلتنا مع الحضارة الغربية تكمن في "اختلافنا الأساسي معهم على قواعد جوهرية تتناول عقيدة التوحيد والإيمان بالله سبحانه وتعالى، وإفراده بالألوهية والربوبية، وماهية الإنسان، والغرض من خلقه، وبيان مآله في اليوم الآخر، وما هي وسائله لسلوك أحسن السبل الممكنة في الحياة والارتقاء بها) . (2)
فالأمة الإسلامية يجب أن تكون مميزة بخصائص تميزها عن غيرها من الأمم، وتجعل من التزامها بعقائدها وشريعتها أمة متقدمة في المقام الأول بالعقائد والقيم والسلوك قبل المنتجات المادية. (3)
فاعتقاد أن السلفية (مرحلة زمنية مباركة) وقفت عند نهاية القرون الثلاثة الأولى، وانتهت إليها، وحطت رحلها أمامها، وانقطع بها، دعوى باطلة منكورة، لا دليل عليها ولا ينبغي التمسك بها، فنحن على يقين أن السلفية زمانها الزمان كله، ومكانها الأرض كلها، تجري بخيرها وعطائها ورجالها حتى تلقى ربانها ومبلغها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حوضه بأصليها الكتاب والسنة، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض.
إذاً فليس بضائرنا أن نعيش معها في كل زمان وفي كل مكان من الأرض، راغبين عن الطاعنين عليها، آخذين بهدى كتاب ربنا سبحانه: {وأعرض عن الجاهلين} (الأعراف: 199) . ولسنا في ذلك إلا قائلين في ظل هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان المثل المحتذى في صبره الجميل.
__________
(1) - بتصرف من قواعد المنهج السلفي: ص 272.
(2) - المرجع السابق.
(3) - المرجع السابق: ص272 - 273.
5-
6-

الصفحة 224