كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -. بل الأدهى والأمر من ذلك أن تخرج الجامعات الإسلامية علماء يعتلون المنابر، ويخطبون في الناس وهم لا يميزون بين حديث صحيح ثابت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبين الأقوال الموضوعة المرذولة المنسوبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - زوراً وبهتاناً.
وهكذا ساهم تعقيد الدراسة الإسلامية في نشأة أشباه العلماء، الذين يعرفون فرعاً من فروع الدين، ولا يملكون رؤية شمولية له، وكذلك ساهم هؤلاء في نشأة كهانة دينية جعلت الدين الذي أنزله الله للعالمين محجوباً عن الناس بعلماء ادعوا أنهم الأوصياء عليه، إذا جئت تناقش حجتهم في قول ما لتفهم وتعي عن الله وتتدبر قوله قالوا لك: لا تناقشنا، خذ قولنا ولا تسأل عن الدليل، وذلك ليغمضوا عينيك، وليحولوا الناس إلى سائمة (1) يسيرون وراءهم وهم لا يدرون.
والدعوة السلفية تجعل همها الأول: تذليل فهم الإسلام للناس، فهي تفتح الطريق أمام الناس جميعاً لدراسة الكتاب والسنة دراسة علمية سهلة واضحة، وبذلك يكون العلم مشاعاً للجميع، ويرتبط الناس بالقرآن فيتدبرونه، وبالسنة فيفقهونها، ويصبح فهم الدين والعمل به ليس حكراً على طائفة معينة تلبس لباساً خاصاً وتتكلم بلهجة خاصة، إنما يصبح الإسلام للناس جميعاً، علماً مشاعاً كالهواء الذي نتنفسه. وقد وجدنا أثر ذلك بحمد الله في إخواننا، فما أن درسوا الإسلام بالمنهج السلفي حتى كانوا علماء فيه في مدة يسيرة جداً (2) ، هذا مع امتلاك الرؤية الواضحة لمجمل هذا الدين عقيدة وشريعة وسلوكاً. ومع الاستزادة اليومية من علومه استزادة لا تشغل الطبيب عن طبه، ولا المهندس عن هندسته، ولا التاجر عن تجارته. وذلك لأن المنهج السلفي في فهم الإسلام يعطي الدارسين مفاتيح فهم الدين. فالطالب في المنهج السلفي يعرف أصول الإسلام، ومراجع معرفة العقائد والأحكام، ويعرف كيف يكون ذا فكر مستقل غير مقلد، وكيف يحترم العلماء، ولا يتعصب لأقوالهم، وكيف يأخذ الحق أنى وجده ما دام مؤيداً بالدليل، وكيف يترك الباطل مهما كان مصدره إذا وجد دليل بطلانه، وبذلك يفهم الإسلام في سهولة ويسر.
__________
(1) - السائمة: الإبل ترعى في المرعى.
(2) - ولعل الأولى أن يقال: من طلاب العلم المجدين فيه معهم العلم النافع وفيهم العمل الصالح.

الصفحة 228