كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

رأى الحنابلة أتباع السلف في ذلك الوقت أن منهج الأشاعرة الجديد يعتبر أيضا انسياقا منهم في التيار الكلامي البدعي وهم في الأصل أهل حديث لا يحيدون عن منهج السلف، ولا يقبلون في ذلك منهجاً وسطاً.
وبظهور منهج (الخلف) صار لقب (السلفية) يطلق عندئذ في مقابلة لقب (الخلفية) . (1)
وأتباع المذهب الأشعري وإن كانوا يعدون من أقرب المذاهب إلى المذهب السلفي لكونهم أيدوا أهل السنة في عدة مسائل إلا أنهم في نظر السلفيين ليسوا بسلفيين خلص، لأن المذهب السلفي بمعناه الدقيق يرفض علم الكلام ويلفظه سواء كان على طريقة المعتزلة أو على طريقة الأشاعرة. (2)
من مخالفات المذهب الأشعري لمذهب السلف
لما خالف الأشاعرة منهج السلف خالفوهم في بعض الأمور الاعتقادية. مثال ذلك: -
1- فرق الأشاعرة بين صفات الذات وصفات الأفعال الإلهية، واقتصروا في إثبات الصفات على صفات سبعة، وأنكروا صفات الأفعال كالاستواء والفرح والغضب والرحمة وتكلموا فيها، (3) فوافقوا المعتزلة في نفي بعض الصفات وتأويلها وإنكار بعض صفات الذات كاليدين والعينين والوجه والقدم.
2- قال الأشاعرة (بنظرية الكسب) في تفسير أفعال الإنسان. وهي وسط بين اعتقاد المعتزلة ورأي الجبرية، فأثبتوا لله المشيئة، وأثبتوا للعبد قدرة لكنها غير مؤثرة، فحركات العبد الاختيارية حاصلة تحت القدرة، متوقفة على اختيار القادر، ويسمى هذا الفعل كسبا. فيكون خلقا من الله تعالى، إبداعا وإحداثا، وكسبا من العبد، حصولا تحت قدرته. (4) وهذا الاعتقاد لا يختلف كثيرا عن اعتقاد الجبرية. (5)
__________
(1 , 2) - يراجع:
مبحث نشأة مصطلح أهل السنة والجماعة في كتاب (نظام الخلافة في الفكر الإسلامي) ص284- 293.مبحث نشأة مصطلح السلفية في كتاب (قواعد المنهج السلفي) ص 23-39.كلاهما للدكتور مصطفى حلمي حفظه الله.
(3) - منهج علماء الحديث والسنة د. مصطفى حلمي ص 172 – 176.
(4) - المرجع السابق: ص 176 – 179
(5) - المرجع السابق: ص 179
فالكسب عند الأشاعرة هو اقتران الإرادة البشرية بالفعل من غير أثر. والصواب أن لمشيئة العباد أثر في أفعالهم بها تقع تلك الأفعال كما قال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة: 286) .

الصفحة 24