فهو أنماط متعددة قابلة للتوليد في أشكال جديدة، ثم إنه نسبي تتفاوت الفرق فيما بينها من حيث قربها من المعيار الثابت المتمثل في سمت الفرق الناجية أو بُعدها الذي يزداد شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى حد التنكر حتى للانتساب للإسلام ومن ثم الردة الصريحة وهنا تخرج الفرقة عن زميلاتها من الفرق التي لم تصل إلى هذا الحد والتي مازالت في دائرة الحديث.
والانحراف في مجال العقيدة وموضوعات الإيمان يأتي في مقدمة أسباب الخروج عن دائرة الفرقة الناجية ولهذا كانت فرق القدرية والروافض والخوارج والمرجئة من أوائل الطوائف دخولاً في فرق الهلاك، وكلما كانت الشعب المتفرقة لهذه الطوائف أكثر انحرافا عن عقيدة السلف، كانت أشد إيغالا في هاوية الهلاك. (1)
أما قوله - صلى الله عليه وسلم - عن ماعدا الفرقة الناجية التي التزمت ما كان عليه وأصحابه أي عن الثنتين والسبعين فرقة كلها في النار. فإن المقصود به- لدى السلفيين- أن هذه الفرق قد انعقدت عليها أسباب دخول النار بانحرافها عن هدى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. ومع هذا فينبغي أن نعي جيدا احتياطات السلفيين في تطبيق هذا الحديث على أتباع تلك الفرق اتساقا مع قواعدهم العقدية: (2)
فهم أولاً: يفسرون قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (كلها في النار) بأن ذلك لا يعني الخلود فيها، فالخلود في النار إنما هو للمشركين الخارجين عن أمة الإجابة إلى أمة الدعوة، أما المسلمون المنحرفون بما لم يصل للشرك والكفر فإنهم لا يخلدون في النار وإن دخلوها.
________________
(1) - السلفية وقضايا العصر للدكتور عبد الرحمن بن زيد الزنيدي ط. مركز إشبيلية للدراسات والإعلام الرياض. ط. الأولى ص 66- 76.
(2) - يقول ابن تيمية في كتابه (الإيمان) : "وكذلك سائر الثنتين وسبعين فرقة من كان منهم منافقا فهو كافر في الباطن، ومن لم يكن منافقا بل كان مؤمنا بالله ورسوله في الباطن لم يكن كافرا في الباطن، وإن أخطأ في التأويل كائنا ما كان خطؤه، وقد يكون في بعضهم شعبة من شعب النفاق ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار. ومن قال إن الثنتين وسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا يخرج من الملة فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-، بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة فليس فيهم من كفر كل واحد من الثنتين وسبعين فرقة وإنما يكفر بعضهم بعصا ببعض المقالات أ. هـ. ص 190. ط. المكتبة القيمة بالقاهرة.