كذلك فإن قوله (كلها في النار) يعني استحقاقهم للنار لانحرافهم أما الدخول الفعلي من عدمه، ومدة البقاء، فهذه لها أحوال متفاوتة:
- فقد لا يدخل الشخص النار أساساً، إما لتوبة يختم بها حياته يرجع بها عن آرائه المنحرفة، أو بحسنات من العبادة والدعوة والجهاد ماحية، أو مصائب تكفر عنه. . . .إلخ
- وقد تنتشله رحمه الله، ويدخل في قوله سبحانه: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء: 48) .
- وقد يدخل النار، ثم يخرج منها قبل استيفاء مدة عذابه بشفاعة الشافعين ورحمة أرحم الراحمين
- وقد يدخلها حتى يستوفي عذابه ثم يخرج منها إلى الجنة برحمة أرحم الراحمين.
هذه المراتب تتوزع فيها العصاة والمبتدعة من أهل القبلة من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
أما الخلود في النار فإنه للكفار والمشركين، وهؤلاء ليسوا من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - (أمة الإجابة) أصلاً. (1)
وهم ثانيا: لا يحكمون على شخص معين وإن انحرف وابتدع مادام من أهل القبلة بأنه من أهل النار وإن كان قوله أو فعله من أسباب دخول النار، يقول ابن تيمية:
ولا نشهد لمعين أنه من أهل النار لأنا لا نعلم لحوق الوعيد له بعينه، لأن لحوق الوعيد المعين مشروط بشروط وانتقاء موانع، ونحن لا نعلم ثبوت الشروط وانتفاء الموانع في حقه، وفائدة الوعيد بيان أن هذا الذنب سبب مقتضٍ لهذا العذاب، والسبب قد يقف تأثيره على وجود شرطه. وانتفاء مانعه (2) هذا موقف السلف في شان حديث التفرق. (1)
__________
(1) - السلفية وقضايا العصر: ص 67- 68 وانظر شرح العقيدة الطحاوية تحقيق أحمد شاكر ص232- 235.
(2) مجموع الفتاوى لابن تيمية ج12/484
(3) السلفية وقضايا العصر: ص68- 69.