كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

الوصية النبوية بالتمسك بهديه
وهدى أصحابه عند الاختلاف

عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: (وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة بليغة وجلت منه القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليه بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة ضلالة) .
رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
كما رواه الإمام أحمد وابن ماجه. وقال فيه الحافظ أبو نعيم: "هو حديث جيد من صحيح حديث الشاميين".
قال ابن رجب الحنبلي: "وقوله - صلى الله عليه وسلم - (فإنه من يعش منكم) بعدي (فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) . هذا إخبار منه - صلى الله عليه وسلم - بما وقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه وفي الأعمال والأقوال والاعتقادات، وهذا موافق لما روي عنه من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة وأنها كلها في النار إلا فرقة واحدة وهي ما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة، ولهذا كان السلف قديما لا يطلقون اسم السنة إلا على ما يشمل ذلك كله" (1) ا. هـ.
ويقول ابن رجب الحنبلي أيضا: "وفي أمره - صلى الله عليه وسلم - باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين بعد أمره بالسمع والطاعة لولاة الأمور عموما دليل على أن سنة الخلفاء الراشدين متبعة كاتباع السنة بخلاف غيرهم من ولاة الأمور" (2) ا. هـ.
قلت: ويشهد لاتباع سنة الخلفاء الراشدين من الصحابة كاتباع سنته - صلى الله عليه وسلم - أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين سنته وسنتهم في ضمير واحد فقال - صلى الله عليه وسلم -: (عضوا عليها بالنواجذ) ولم يقل: (عضوا عليهما بالنواجذ) .فاعتبرهما شيئا واحدا في الأمر
__________
(1) - جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ط. الحلبي ط. الخامسة ص258.
(2) - المصدر السابق ص258، 259.

الصفحة 30