بالتمسك بهما. وهذا دليل على أن سنة الخلفاء الراشدين إنما هي الفهم الصحيح والتطبيق السليم لسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلابد من التقييد في الفهم والعمل بطريقة السلف - رضي الله عنهم - وأئمتهم هم الخلفاء الراشدون.
دور ابن تيمية في إنعاش المذهب السلفي
ولد ابن تيمية رحمه الله سنة 661 هـ. وتوفي في دمشق سنة 728 هـ.
نشأ ابن تيمية رحمه الله نشأة علمية دينية، (1) وتعمق في دراسة منهج الأوائل وعلومهم، واستوعب الكتاب والسنة فهما وتدقيقا، وخاض في علوم الفلاسفة والمتكلمين فحصا وتقييما، فحاز من العلوم الكثير وسلك مسلك الاعتدال، ووجد الهدي في مذهب السلف، والابتداع والضلال في مناهج الفلاسفة والمتكلمين، كما واجه المقلدين والجامدين من فقهاء المذاهب، مبينا بعدهم عن الكتاب والسنة ومنهج الأئمة، رغم ادعاء الاتباع والتمسك بما كانوا عليه.
لقد ظهر ابن تيمية في عصر متأخر كانت الانشقاقات قد حدثت، وجهلت الغالبية الاتجاه السلفي، وسطت تراكمات الفكر الفلسفي والتأويل الكلامي والشطح الصوفي حتى ظن أغلبية المسلمين أنها هي الإسلام.
وأغلب الظن أن ابن تيمية فتح عينيه على الواقع المرير للعالم الإسلامي في ذلك الوقت (2) ، وأدرك بثاقب نظره أن العلة تكمن في جهل المسلمين بتراثهم، والتجائهم إلى ما هو بعيد عن الروح الإسلامية ككتاب (السياسة المدنية) للفارابي، ورسائل إخوان الصفا، و (قانون الياسا) المغولي، فأدرك أنه قد (فسد الراعي وفسدت الرعية) . فشمر عن ساعديه ليعيد إلى الأذهان عظمة الإسلام بعد أن غابت علومه في غياهب الكتب وكاد يطمسها الزمن وتضيع في متاهات النسيان، ولم يعد قائما في ذاكرة المسلمين إلا الأفكار الدخيلة التي لا تمت بصلة إلى
__________
(1) - كان جده محدثا مشهوراً وكذلك كان أبوه.
(2) - شهدت حياة ابن تيمية غزو التتار لبلاد المسلمين. بدأ غزو التتار عام 616هـ. وسقطت بغداد في أيديهم عام 656هـ. واشترك ابن تيمية بنفسه في جهاد التتار بعد أن وصلت جيوشهم إلى حماة وقد عاصر ابن تيمية دولة المماليك.