كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي

فتقديم النظر العقلي على الدليل الشرعي خطأ، وكل ما خالف صحيح المنقول فقد خالف أيضا صريح المعقول.
إن في الكتاب والسنة عامة أصول الدين ومسائله في قضايا التوحيد والصفات والقدر والنبوة والمعاد. وآيات الله السمعية وآياته العقلية كلها متوافقة.
والاختلاف بين المتكلمين هو موضع الطعن عند ابن تيمية لأنه يرى أنه اختلاف مذموم لا يبين أين توجد الحقيقة وما هو سندها ويبتعدون عما جاءت به الرسل وهو الموافق لصريح العقل وفطرة الله التي فطر عباده عليها. ويدل على عقم علم الكلام وقصوره عند ابن تيمية ما ظهر من ندم متكلمي الأشاعرة في أواخر حياتهم. (1)
لقد بذل ابن تيمية المحاولات تلو الأخرى في كتبه ومناقشاته لإثبات أن السلف كانوا أهل نظر ودراية إلى جانب كونهم أهل نقل ورواية، وأنهم آثروا عدم تضييع جهودهم وأوقاتهم في محاولات عقيمة، إذ رأوا في كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - الكفاية، وأقاموا البناء كاملا في العقيدة والشريعة والعبادات والنظم والأخلاق جميعا. فإذا أرادت الأمة أن تأخذ بزمام أمورها من جديد بين الأمم فعليها باتباع طريقتهم. وهذا معنى قول عبد الله بن مسعود (من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات (2) ، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بدينهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم". (3)
______________
(1) - راجع نظام الخلافة: ص485 بتصرف.
(2) - يريد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين سبقوا.
(3) - انظر منهج علماء الحديث والسنة: ص171.

الصفحة 35